يعلمون وما لا يطيقون وما اضطروا إليه وما استكرهوا عليه والطيرة والوسوسة
______________________________________________________
لاعدوى ولا طيرة بكسر الطاء وفتح الياء ، وقد تسكن هي التشؤم بالشيء وهو مصدر تطير يقال تطير طيرة وتخير خيرة ، ولم يجيء من المصادر هكذا غيرها ، وأصله فيما يقال التطير بالسوانح والبوارح من الطير والظباء ، وكان ذلك يصدهم عن مقاصدهم فنفاه الشرع وأبطله ونهى عنه ، وأخبر أنه ليس له تأثير في جلب نفع ودفع ضر.
وقد تكرر ذكرها في الحديث اسما وفعلا ، ومنه الحديث : ثلاث لا يسلم منها أحد الطيرة والحسد والظن ، قيل : فما نصنع؟ قال : إذا تطيرت فامض ، وإذا حسدت فلا تبغ ، وإذا ظننت فلا تحقق ، ومنه الحديث الآخر : الطيرة شرك وما منا إلا ولكن الله يذهبه بالتوكل.
هكذا جاء الحديث مقطوعا ولم يذكر المستثنى أي إلا وقد يعتريه التطير وتسبق قلبه الكراهة ، فحذف اختصارا واعتمادا على فهم السامع وإنما جعل الطيرة من الشرك لأنهم كانوا يعتقدون أن التطير يجلب لهم نفعا أو يدفع عنهم ضرا إذا عملوا بموجبه ، فكأنهم أشركوه مع الله تعالى في ذلك.
وقوله : ولكن الله يذهبه بالتوكل معناه أنه إذا خطر له عارض التطير فتوكل على الله تعالى وسلم إليه ولم بعمل بذلك الخاطر غفره الله تعالى ، ولم يؤاخذه به.
وقال في المصباح : تطير من الشيء وأطير منه والاسم الطيرة وزان عنبة وهي التشاؤم ، وكانت العرب إذا أرادت المضي لمهم مرت بمجاثم الطير وإثارتها لتستفيد هل تمضي أو ترجع ، فنهى الشارع عن ذلك وقال : لا هام ولا طيرة ، انتهى.
وأقول : إذا عرفت هذا فكون الطيرة موضوعة يحتمل وجوها :
الأول : وضع المؤاخذة والعقاب عن هذا الخطور ، فإنه لا يكاد يمكن رفعها عن النفس وكفارته أن لا يعمل بمقتضاها ويتوكل على الله تعالى ، ولذا قال صلىاللهعليهوآلهوسلم