وجور السلطان ولم يمنعوا الزكاة إلا منعوا القطر من السماء ولو لا البهائم لم يمطروا ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوهم وأخذوا بعض ما في أيديهم ولم يحكموا بغير ما أنزل الله [ عز وجل ] إلا جعل الله عز وجل بأسهم بينهم.
______________________________________________________
تضييع آلة النسل ناسبه الطاعون الموجب لانقطاعه ، والثاني لما كان القصد فيه زيادة المعيشة ناسبه القحط وشدة المئونة وجور السلطان بأخذ المال وغيره ، والثالث لما كان فيه منع ما أعطاه الله بتوسط الماء ناسبه منع نزول المطر من السماء ، والرابع لما كان فيه ترك العدل والحاكم العادل ناسبه تسلط العدو وأخذ الأموال ، والخامس لما كان فيه رفض الشريعة وترك القوانين العدلية ناسبه وقوع الظلم بينهم وغلبة بعضهم على بعض.
وأقول : يمكن أن يقال لما كان في الأول مظنة تكثير النسل عاملهم الله بخلافه ، وفي الثالث لما كان غرضهم توفير المال منع الله القطر ليضيق عليهم ، وأشار بقوله : ولو لا البهائم لم يمطروا ، إلى أن البهائم لعدم صدور المعصية منهم وعدم تكليفهم ، استحقاقهم للرحمة أكثر من الكفرة وأرباب الذنوب والمعاصي ، كما دلت عليه قصة النملة واستسقائها ، وقولها : اللهم لا تؤاخذنا بذنوب بني آدم ، ويومئ إليه قوله تعالى. « بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً » (١) والمراد بنقض عهد الله وعهد رسوله نقض الأمان والذمة التي أمر الله برعايتها والوفاء بها كما سيأتي في باب تفسير الذنوب : وإذا خفرت الذمة أديل لأهل الشرك من أهل الإسلام ، وهو الظاهر من الخبر الآتي أيضا ، وقيل : هو نقض العهد بنصرة الإمام الحق واتباعه في جميع الأمور ، والأول أظهر.
ولما كان هذا الغدر للغلبة على الخصم بالحيلة والمكر ، يعاملهم بما يخالف
__________________
(١) سورة الفرقان : ٤٤.