الخامسة والاربعين ، ومنهم ابن عباس يقول : ( انها كانت في الثامنة والاربعين ولم تجاوزها ) ، واحرى بهذه الرواية ان تكون اقرب الروايات الى الصحة ، لأن ابن عباس كان اولى الناس ان يعلم حقيقة عمرها ، ولأن المرأة في بلاد كجزيرة العرب يبكر فيها النمو ويبكر فيها الكبر لا يتصدى للزواج بعد الاربعين ولا يعهد في الاعم الاغلب ان تلد بعدها سبعة اولاد عدا من جاء في بعض الروايات انهم ولدوا مع ذكرنا اسماءهم (١).
حب علويٌّ عفيف تقره شرعة السماء ، وهنا تسعى خديجة حثيثاً لاستطلاع رأي محمد في الزواج ، وهل يرغب فيه ام يرغب عنه؟ وتخطر من امامها مولاتها نفيسة بنت منبه ، يكاد يتفق المؤرخون واصحاب السير ان نفيسة هذه هي صديقتها وليست مولاتها وهي اخت يعلي بن منبه (٢) تستوقفها لتقول لها : هل رأيت محمداً وهل عرفته؟ فتجيب : رأيته في هذه الدار ، عرفته كما عرفه الناس. فتدسها لتستطلع رأي محمد في امر الزواج منها ، تعود وبشرى القبول معها. يقول المؤرخون ما ان اكتمل عقد الاجتماع حتى قام ابو طالب امام قريش وهو يومذاك سيد البطحاء فقال :
الحمد لله الذي جعلنا من ذرية ابراهيم وزرع اسماعيل وضغن معد وعنصر مضر وجعلنا حصنة بيته وسواس حرمه وجعل لنا بيتاً محجوجاً وحرماً آمناً وجعلنا حكام الناس ثم ان ابن اخي هذا محمد بن عبد الله لا يوزن به رجل الا رجح به شرفاً ونبلاً وفضلاً وعقلاً وان كان في المال قل ،
__________________
(١) فاطمة الزهراء والفاطميون / عباس محمود العقاد / ص ٢٠.
(٢) تاريخ الطبري / ج ٢ / ص ١٩٧.