نظرت الى ما اعد الله لي وللمؤمنين في دار الآخرة مما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، لعلمت قبل انتقالي اليه في هذه الحالة في سجن ، ولو نظرت الى ما اعد الله لك ولكل كافر في الدار الآخرة من سعير نار جهنم ونكال العذاب الاليم المقيم لرأيت قبل مصيرك اليه في جنة واسعة ونعمه جامعة ، فانظر الى هذا الجواب الصادع بالصواب (١).
ولما استشهد الامام امير المؤمنين عليهالسلام قام باعباء الامامة ولده الامام الحسن المجتبى عليهالسلام ، واستقر على منصة الخلافة الالهية ، الا ان معاوية بن ابي سفيان اوجس منه خيفة فحسده كما حسد اباه من قبل ، واخذ يدس الدسائس ويلقي الاشواك في طريق الامام تارة بالوعد واخرى بالوعيد وثالثة بالرشوة وهكذا ، حتى استطاع من استمالة جماعة من اصحاب الامام وجيشه ، فتمكن ان يؤثر على دينهم المال ، فانحازوا نحو معاوية ، وتركوا الامام وحيداً بلا ناصر. فاضطر الامام ان يصالح معاوية ويهادنه حفظاً على كيان الدين الاسلامي لئلا يتداعى ، وحقنا للمؤمنين عن الالقاء بهم في اتون حروب بائسة ، كل ذلك وفق شروط هامة لم يف بواحد منها معاوية. ولا شك ان معاوية كان يريد الهدنة والصلح ، فانه كتب الى الامام الحسن عليهالسلام في ذلك ، والامام عليهالسلام لم يجد بداً من اجابته الى ما التمس من ترك الحرب وانقاذ الهدنة ، فتوثق عليهالسلام لنفسه من معاوية بتوكيد الحجة عليه والاعذار فيما بيّنه ، وبينه عند الله تعالى وعند كافة المسلمين ، واشترط عليه بشروط ، فأجابه ابن آكلة الاكباد الى الشروط كلها ، وعاهده عليها وحلف له بالوفاء له ، ولكن غدر
__________________
(١) المصدر السابق / ص ١٤٠.