يتهيب فكاد ان يتزعزع عزمه على القتال لولا هذا الجلف الجافي. لكن الحسين عليهالسلام يدافع عن مبدأ اسمى ومثل اعلى ، وضحى في سبيله بما ضحى. فكان مظفراً خالداً في نظر الاجيال والتاريخ. والحسين عليهالسلام انما كافح عناصر السوء والرذيلة والاستبداد والظلم والطغيان ، وهي التي كانت مبدأ يعتنقه يزيد وزبانيته ويحملون الناس عليه ويذيعونه في مجتمع بعيد عن الخير والصلاح ، ومثل ذلك المجتمع المنحط يتسنم فيه يزيد اريكة الحكم ويتأمر على ناسه ومبادئه ، والحسين عليهالسلام ذلك المثالي لا يمكن ان يقر مجتمعاً كهذا ، فكانت ثورته عليه لتطهيره من دنس العابثين وكان جهاده في سبيل قمع مبادئه. ولا تزال ثورته تلك ترن في الآذان منذ مئات السنين يتخذه المصلحون دستوراً عملياً لاصلاحه وجهاده. يقول العقاد : ( وفي الواقع الذي لا شبهة فيه ايضاً ان عمر بن سعد هذا لم يخل من غلظة في الطبع على غير ضرورة ولا استفزاز ، فهو الذي ساق نساء الحسين بعد مقتله على طريق جثث القتلى التي لم تزل مطروحة بالعراء ، فصحن وقد لمحنها على الطريق صيحة أسالت الدمع من عيون رجاله وهم ممن قاتل الحسين وذويه ) (١).
كان الحسين عليهالسلام كريماً محباً للفقراء ، رؤوفاً بالمساكين ومن الامثلة على سخائه وكرمه ما رواه ابن عساكر ان سائلاً في المدينة اتى باب دار الحسين عليهالسلام وانشأ يقول :
لم يخب الآن من رجاك ومن |
|
رك من دون بابك الحلقة |
انت جـواد وانت مـعتمـد |
|
بـوك قد كان قاتل الفسقة |
__________________
(١) ابو الشهداء الحسين بن علي / عباس محمود العقاد ص ٦٩.