فقال الاعرابي ما اريد الا الدية تماماً ، ثم تركه واتى الحسين عليهالسلام فسلم عليه وقال : يابن رسول الله اني قتلت ابن عم لي وقد طولبت بالدية فهل لك ان تعطيني شيئاً فقال له : يا اعرابي نحن قوم لا نعطي المعروف الا على قدر المعرفة. فقال : سل ما تريد ، فقال له الحسين ، يا اعرابي ما النجاة من الهلكة؟ قال : التوكل على الله عز وجل. فقال : وما الهمة؟ قال : الثقة بالله. ثم سأله الحسين غير ذلك واجاب الاعرابي ، فأمر له الحسين عليهالسلام بعشرة الاف درهم وقال له : هذه لقضاء ديونك وعشرة الاف درهم اخرى ، وقال هذه تلم بها شعثك وتحسن بها حالك وتنفق منها على عيالك ، فأنشأ الاعرابي يقول :
طربت وما هاج لي مغبق |
|
ولا ل١٧٤٠; مقام ولا معشـق |
ولكن طربت لآل الرسـو |
|
ل فلذَّ لي الشعر والمنطق |
هم الاكرمون هم الانجبون |
|
نجوم السماء بهم تشـرق |
سبقت الانام الى المكرمات |
|
فقصر عن سبقك السّبـق |
بكم فتح الله باب الرشـاد |
|
وباب الفساد بكم مغلق (١) |
لقد كانت وقعة الطف سنة ٦١ هـ حدثاً له رد فعل عميق الأثر في نفوس المسلمين ، وقد شاء غرور بني امية ان يزيدها فظاعة وبشاعة لم يقع مثلها في تاريخ الاسلام والمسلمين.
ذكر ياقوت الحموي فقال : قال ابن عبد الرحيم : حدثني الخالع قال : كنت مع والدي سنة ٣٤٦ وانا صبي في مجلس الكبودي في المسجد الذي بين الوراقين والصاغة وهو غاص بالناس واذا رجل قد وافى وعليه مرقعة
__________________
(١) أعيان الشيعة / محسن الامين العاملي / ج ٤ / ص ١٠٨ و ١٠٩.