« شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ » الذي ذكره الله في القرآن هو الفرات و « الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ » هي كربلاء « بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ » قيل أي هذه بلدة نزهة أرضها عذبة تخرج النبات وليست بسبخة وليس فيها شيء من الهوام المؤذية وقيل أراد به صحة هوائها وعذوبة مائها وسلامة تربتها وأنه ليس فيها حر يؤذي في القيظ وبرد يؤذي في الشتاء « وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها » أي بالتوسعة على أهلها أو بما مر وهي قرى الشام وفي تفسير علي بن إبراهيم هي مكة (١) « قُرىً ظاهِرَةً » أي متواصلة يظهر بعضها لبعض وقد مر تأويل « الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها » بالأئمة عليهمالسلام والقرى الظاهرة برواة أخبارهم وفقهاء شيعتهم والسير بالعلم « آمِنِينَ » من الشك والضلال « بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ » أي المطهر « طُوىً » اسم الوادي الذي كلم الله فيه موسى عليهالسلام.
« لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ » قال الطبرسي ره أجمع المفسرون على أن هذا قسم بالبلد الحرام « وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ » وأنت يا محمد مقيم به وهو محلك وهذا تنبيه على أن شرف البلد بشرف من حل فيه من الرسول الداعي إلى توحيده وإخلاص عبادته وبيان أن تعظيمه له وقسمه به لأجله صلىاللهعليهوآله ولكونه حالا فيه كما سميت المدينة طيبة لأنها طابت به حيا وميتا وقيل معناه « لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ » وأنت حل فيه منتهك الحرمة فلم يبق للبلد حرمة حيث هتك حرمتك عن أبي مسلم وهو مروي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : كانت قريش تعظم البلد وتستحل محمدا فيه فقال « لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ » يريد أنهم استحلوك فيه فكذبوك وشتموك وكانوا لا يأخذ الرجل منهم فيه قاتل أبيه ويتقلدون لحاء شجر الحرم فيأمنون بتقليدهم إياه فاستحلوا من رسول الله صلىاللهعليهوآله ما لم يستحلوا من غيره فعاب الله ذلك عليهم (٢). وقال قدسسره في قوله سبحانه « وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ » أقسم الله سبحانه بالتين الذي يؤكل والزيتون الذي يعصر منه الزيت عن ابن عباس وغيره وقيل التين الجبل
__________________
(١) تفسير القمي : ٥٣٨.
(٢) مجمع البيان : ج ١٠ ، ص ٤٩٢.