نقل وتحقيق
اعلم أن أصحابنا والمخالفين اختلفوا في حقيقة السحر وأنه هل له حقيقة أو محض توهم ولنذكر بعض كلماتهم في ذلك.
قال الشيخ قدسسره في الخلاف السحر له حقيقة ويصح منه أن يعقد ويؤثر ويسحر فيقتل ويمرض ويكوع (١) الأيدي ويفرق بين الرجل وزوجته ويتفق له أن يسحر بالعراق رجلا بخراسان فيقتله عند أكثر أهل العلم وأبي حنيفة وأصحابه ومالك والشافعي.
وقال أبو جعفر الأسترآبادي لا حقيقة له وإنما هو تخييل وشعبدة وبه قال المغربي من أهل الظاهر وهو الذي يقوى في نفسي ويدل عليه قوله تعالى « فَإِذا حِبالُهُمْ » الآية (٢) وذلك أن القوم جعلوا من الحبال كهيئات الحيات وطلوا عليها الزئبق وأخذوا الموعد على وقت تطلع فيه الشمس حتى إذا وقعت على الزئبق تحرك فخيل لموسى عليهالسلام أنها حيات ولم يكن لها حقيقة وكان هذا في أشد وقت الحر فألقى موسى عصاه فأبطل عليهم السحر فآمنوا به.
وأيضا فإن الواحد منا لا يصح أن يفعل في غيره وليس بينه وبينه اتصال ولا اتصال بما يتصل بما يفعل فيه فكيف يفعل من هو ببغداد فيمن هو بالحجاز وأبعد منها ولا ينفي هذا قوله تعالى « وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ » (٣) لأن ذلك لا نمنع منه وإنما الذي منعنا منه أن يؤثر الساحر الذي يدعونه فأما أن يفعلوا ما يتخيل عنه أشياء فلا نمنع منه.
ورووا عن عائشة ...
أقول ثم ذكر نحوا مما مر من سحر اليهودي النبي صلىاللهعليهوآله ثم قال وهذه أخبار آحاد لا يعمل عليها في هذا المعنى وقد روي عن عائشة أنها قالت سحر
__________________
(١) كوع ـ كسمع ـ : عظم كوعه ـ وهو طرف الزند الذي يلي الإبهام ـ واعوج.
(٢) طه : ٧٦.
(٣) البقرة : ١٠٢.