إعدادات
بحار الأنوار [ ج ٦٣ ]
بحار الأنوار [ ج ٦٣ ]
الاجزاء
تحمیل
اسْجُدُوا » متناولا له فلا يكون تركه للسجود إباء واستكبارا ومعصية ولما استحق الذم والعقاب فعلم أن الخطاب كان متناولا له ولا يتناوله الخطاب إلا إذا كان من الملائكة.
وأجيب بأنه وإن لم يكن من الملائكة إلا أنه نشأ منهم وطالت خلطته بهم والتصق بهم فلا جرم تناوله ذلك الخطاب وأيضا يجوز أن يكون مأمورا بالسجود بأمر آخر ويكون قوله تعالى « ما مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ » إشارة إلى ذلك الأمر ورد الأول بأن مخالطته لهم لا يوجب توجه الخطاب إليه كما حقق في موضعه والثاني بأن ظاهر قوله تعالى « وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ » الآية أن الإباء والعصيان إنما حصل بمخالفة هذا الأمر لا بمخالفة أمر آخر.
هذا ما قيل أو يمكن أن يقال في هذا المقام لكن الظاهر من أكثر الأخبار والآثار عدم كونه من الملائكة وأنه لما كان مخلوطا بهم وتوجه الخطاب إليهم شمله هذا الخطاب وقوله تعالى « وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ » مبني على التغليب الشائع في الكلام وأما ما يشعر به كلام الشيخ رحمهالله في التبيان من ورود الأخبار (١) بأن إبليس كان من الملائكة فلم نظفر بها وإن ورد في بعضها فهو نادر مأوّل.
وقال رحمهالله وأما ما روي عن ابن عباس من أن الملائكة كانت تقاتل الجن فسبي إبليس وكان صغيرا فكان مع الملائكة (٢) فتعبد معها فلما أمروا بالسجود لآدم سجدوا إلا إبليس (٣) فلذلك قال تعالى « إِلاَّ إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِ » فإنه خبر واحد لا يصح والمعروف عن ابن عباس أنه كان (٤) من الملائكة فأَبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ (٥).
__________________
(١) راجع التبيان ١ : ١٥٠ و ١٥١.
(٢) في المصدر : « كان صغيرا مع الملائكة.
(٣) في المصدر : الا إبليس أبى.
(٤) في المصدر : ما قلناه انه كان.
(٥) التبيان ١ : ١٥٣.