قاله القاضي عياض وغيره وما ذكروه من أمر جرهم وذي القرنين وبلقيس فممنوع واستدلالهم بقصة هاروت وماروت ليس بشيء فإنها لم تثبت على الوجه الذي أرادوه (١) بل قال ابن عباس هما رجلان ساحران كانا ببابل.
وقال الجاحظ وزعموا أن التناكح والتلاقح قد يقع بين الجن والإنس لقوله تعالى « وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ » (٢) وهذا ظاهر وذلك أن الجنية إنما تصرع رجال الإنس (٣) على جهة العشق في طلب السفاد وكذلك رجال الجن لنساء الإنس ولو لا ذلك لعرض الرجال للرجال والنساء للنساء قال تعالى « لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌ » (٤) فلو لا كان الجان تقتض الآدميات (٥) ولم يكن ذلك في تركيبه لما قال الله تعالى هذا القول وذكروا أن الواق واق نتاج ما بين بعض النباتات وبعض الحيوان.
وقال السهيلي السعلاة ما يتراءى للناس بالنهار والغول الذي يتراءى بالليل (٦).
وقال القزويني السعلاة نوع من المتشيطنة مغاير للغول وأكثر ما توجد السعلاة في الغياض إذا ظفرت بإنسان ترقصه وتلعب به كما يلعب القط بالفأر وقال وربما اصطادها الذئب بالليل فأكلها فإذا افترسها ترفع صوتها وتقول أدركوني فإن الذئب قد أكلني وربما تقول من يخلصني ومعي ألف دينار يأخذها والناس يعرفون أنه كلام السعلاة فلا يخلصها أحد فيأكلها الذئب (٧).
__________________
(١) في المصدر : اوردوه.
(٢) الإسراء : ٦٤.
(٣) في المصدر : وذلك أن الجنيات انما تتعرض لصرع رجال الانس.
(٤) الرحمن : ٧٤.
(٥) في المصدر : ولو كان الجان لا يفتض الآدميات.
(٦) في المصدر : للناس بالليل.
(٧) حياة الحيوان ٢ : ١٤ ـ ١٦ باب السين.