وعن الثاني لا يبعد أن يقال إن الله والملائكة (١) يمنعونهم من إيذاء علماء البشر.
وعن الثالث أنه لما جاز أن يقول الله تعالى لنار إبراهيم « يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ » (٢) فلم لا يجوز مثله هاهنا.
وعن الرابع أن الشياطين مختارون ولعلهم يفعلون بعض القبائح دون بعض.
المسألة التاسعة في تحقيق الكلام في الوسوسة على الوجه الذي قرره الشيخ الغزالي في كتاب الإحياء قال القلب مثل قبة لها أبواب تنصب إليها الأحوال من كل باب أو مثل هدف ترمى إليه السهام من كل جانب أو مثل مرآة منصوبة يجتاز عليها الأشخاص فيتراءى (٣) فيها صورة بعد صورة أو مثل حوض ينصب (٤) إليه مياه مختلفة من أنهار مفتوحة واعلم أن مداخل هذه الآثار المجددة (٥) في القلب ساعة فساعة إما من الظاهر كالحواس الخمس وإما من الباطن كالخيال والشهوة والغضب والأخلاق المركبة في مزاج الإنسان فإنه إذا أدرك بالحواس شيئا حصل منه أثر في القلب وكذا إذا هاجت الشهوة أو الغضب حصل من تلك الأحوال آثار في القلب وأما إذا منع الإنسان عن الإدراكات الظاهرة فالخيالات الحاصلة في النفس تبقى وينتقل الخيال من الشيء إلى الشيء (٦) وبحسب انتقال الخيال ينتقل القلب من حال إلى حال فالقلب دائما في التغير والتأثر من هذه الأسباب وأخص الآثار الحاصلة في القلب هي الخواطر وأعني بالخواطر ما يعرض فيه من الأفكار والأذكار وأعني بهذا إدراكات وعلوما إما على سبيل التجدد وإما على سبيل التذكر فإنما (٧) تسمى خواطر من حيث إنها تخطر بالخيال بعد أن
__________________
(١) في المصدر : وملائكته.
(٢) الأنبياء : ٦٩.
(٣) في المصدر : [ تجتاز ] وفيه : فتتراءى.
(٤) في المصدر : تنصب.
(٥) في المصدر : [ المتجددة ] وفي النسخة المخطوطة : المحددة.
(٦) في المصدر : من شيء الى شيء.
(٧) في المصدر : وانما.