الخيل طلب أعداء الدين والدفاع عن المسلمين ولا تقلدوها طلب أوتار الجاهلية ودخول مصارع الحمية.
وإذا حمل الخبر على التأويل الآخر خرج عن أن يكون مجازا وهو أن يكون المراد النهي عن تقليد الخيل أوتار القسي وقيل في وجه النهي عن ذلك قولان أحدهما أن يكون عليهالسلام إنما نهى عنه لأن الخيل ربما رعت الأكلاء والأشجار فنشبت الأوتار في أعناقها ببعض شعب ما ترعاه من ذلك فخنقتها أو حبستها على عدم المأكل والمشرب حتى تقضي نحبها.
والوجه الآخر أنهم كانوا في الجاهلية يعتقدون أن تقليد الخيل بالأوتار يرفع عنها حمة عين العائن وشرارة نظر المستحسن فتكون كالعوذ لها والأحراز عليها فأراد عليهالسلام أن يعلمهم أن تلك الأوتار لا تدفع ضررا ولا تصرف حذرا وإنما الله سبحانه وتعالى الدافع الكافي والمعيذ الواقي ومما يقوي هذا التأويل ما روي من أمره عليهالسلام بقطع الأوتار عن أعناق الخيل.
ولتقليد الخيل وجه آخر وهو أن العرب كانت إذا قدرت وظفرت قلدت الخيل العمائم وذكر أن معاوية لما تغلب على الأمر ودخل الكوفة بعد صلح الحسن عليهالسلام فعل ذلك بخيله.
أقول : وذكر ابن الأثير في النهاية هذه الوجوه إلا الأخير.
١٨ ـ المجازات : قال النبي صلىاللهعليهوآله إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الركب أسنتها وفي رواية أخرى فأعطوا الركاب أسنانها (١).
وهذه استعارة والمراد بالأسنة هاهنا على ما قاله جماعة من علماء اللغة الأسنان وهو جمع جمع لأن الأسنان جمع سن والأسنة جمع الأسنان والركب جمع الركاب فكأنه عليهالسلام أمرهم بأن يمكنوا ركابهم زمان الخصب من الرعي في طرق أسفارهم وعند نزولهم وارتحالهم فكنى عن ذلك بإعطائها أسنانها والمراد تمكينها من استعمال أسنانها في اجتذاب الأكلاء والأعشاب فكأنهم بتمكينها من ذلك قد أعطوها أسنانها وهذا كما يقول :
__________________
(١) المجازات النبوية : ١٦٧.