أما والله إن المؤمن لقليل وإن أهل الكفر كثير أتدري لم ذاك فقلت لا أدري جعلت فداك فقال صيروا أنسا للمؤمنين يبثون إليهم ما في صدورهم فيستريحون إلى ذلك ويسكنون إليه (١).
بيان : أخافوني أي بالإذاعة وترك التقية والضمير في أمنوا راجع إلى المدعين للتشيع الذين لم يطيعوا أئمتهم في التقية وترك الإذاعة وأشار بذلك إلى أنهم ليسوا بشيعة لنا ثم ذكر لرفع استبعاد السائل عن قلة المخلصين بقوله لقد كانت الدنيا وما فيها الواو للحال وما نافية ولو كان معه غيره أي من أهل الإيمان لأضافه الله عز وجل إليه لأن الغرض ذكر أهل الإيمان التاركين للشرك حيث قال ولم يك من المشركين فلو كان معه غيره من المؤمنين لذكره معه.
« إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً » قال في مجمع البيان (٢) اختلف في معناه فقيل قدوة ومعلما للخير قال ابن الأعرابي يقال للرجل العالم أمة وقيل أراد إمام هدى وقيل سماه أمة لأن قوام الأمة كان فيه وقيل لأنه قام بعمل أمة وقيل لأنه انفرد في دهره بالتوحيد فكان مؤمنا وحده والناس كفار.
« قانِتاً لِلَّهِ » أي مطيعا دائما على عبادته وقيل مصليا « حَنِيفاً » أي مستقيما على الطاعة وطريق الحق وهو الإسلام « وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ » بل كان موحدا انتهى.
وقيل يحتمل أن يكون من للابتداء أي لم يكن في آبائه مشرك وهو بعيد وفي النهاية في حديث قس أنه يبعث يوم القيامة أمة واحدة الأمة الرجل المتفرد بدين كقوله تعالى « إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ » انتهى.
وأقول : كأن هذا كان بعد وفاة لوط عليه السلام أو أنه لما لم يكن معه وكان مبعوثا على قوم آخر لم يكن ممن يؤنسه ويقويه على أمره في قومه فغبر بذلك
__________________
(١) الكافي ج ٢ : ٢٤٣.
(٢) مجمع البيان ج ٦ : ٣٩١.