« نُزُلاً » النزل ما يعد للنازل من طعام وشراب وصلة.
« وَما عِنْدَ اللهِ » (١) أي ثواب الآخرة « خَيْرٌ وَأَبْقى » لخلوص نفعه ودوامه « وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ » أي قبلوا ما أمروا به « وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ » أي تشاور بينهم لا ينفردون برأي حتى يتشاوروا ويجتمعوا عليه وذلك من فرط يقظتهم في الأمور قال علي بن إبراهيم (٢) يشاورون الإمام فيما يحتاجون إليه من أمر دينهم.
« هُمْ يَنْتَصِرُونَ » أي ينتقمون ممن بغى عليهم من غير أن يعتدوا وقيل أي يتناصرون ينصر بعضهم بعضا وقيل جعل الله المؤمنين صنفين صنف يعفون وصنف ينتصرون (٣) وقيل وصفهم بالشجاعة بعد وصفهم بسائر أمهات الفضائل وهو لا ينافي وصفهم بالغفران فإن الغفران ينبئ عن عجز المغفور والانتصار يشعر بمقاومة الخصم والحلم عن العاجز محمود وعن المتغلب مذموم لأنه إجراء وإغراء على البغي.
« سَيِّئَةٌ مِثْلُها » سمي الثانية سيئة للازدواج ولأنها تسوء من تنزل به وهذا منع عن التعدي في الانتصار « فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ » بينه وبين عدوه « فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ » عدة مبهمة تدل على عظم الموعود.
وروي في المجمع ، (٤) عن النبي صلى الله عليه واله إذا كان يوم القيامة نادى مناد من كان أجره على الله فليدخل الجنة فيقال من ذا الذي أجره على الله فيقال العافون عن الناس يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسابٍ ، « إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ » أي المبتدءين بالسيئة والمتجاوزين في الانتقام.
__________________
(١) الشورى : ٣٦.
(٢) تفسير القمي ص ٦٥٤.
(٣) الزيادة من مجمع البيان للطبرسي : قال : وقيل جعل الله المؤمنين صنفين : صنف يعفون عمن ظلمهم وهم الذين ذكروا قبل هذه الآية وهو قوله « وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ » وصنف ينتصرون ممن ظلمهم وهم الذين ذكروا في هذه الآية.
(٤) مجمع البيان ج ٩ ص ٣٤.