وجوه من التأويل (١).
الأول فأنا أول العابدين منكم فإن النبي يكون أعلم بالله وبما يصح له وبما لا يصح له وأولى بتعظيم ما يجب تعظيمه ومن حق تعظيم الوالد تعظيم ولده ولا يستلزم ذلك إمكاك كينونة الولد وعبادته له فإن المحال قد يستلزم المحال بل المراد نفيهما.
والثاني أن معناه إن كان له ولد في زعمكم فأنا أول العابدين لله الموحدين له المنكرين لقولكم.
والثالث أن المعنى فأنا أول الآنفين منه (٢) أو من أن يكون له ولد من عبد يعبد إذا اشتد أنفة (٣).
الرابع أن كلمة إن نافية أي ما كان له ولد فأنا أول الموحدين من أهل مكة وبناء الخبر على التفسير الأول إذ ظهر منه أنه صلى الله عليه واله كان مبادرا إلى كل خير وسعادة وإطاعة فلا بد أن يكون مبادرا في دخول النار عند الأمر به.
١٦ ـ كا : الكافي عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن عبد الله بن محمد الجعفي وعقبة جميعا عن أبي جعفر عليه السلام قال : إن الله عز وجل خلق الخلق فخلق من أحب مما أحب فكان ما أحب أن خلقه من طينة الجنة وخلق ما أبغض مما أبغض وكان ما أبغض أن خلقه من طينة النار ثم بعثهم في الظلال.
__________________
(١) راجع ج ٣ ص ٢٥٦ من هذه الطبعة الجديدة.
(٢) واختاره علي بن إبراهيم في تفسيره ، وفي الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليهالسلام أول العابدين أي الجاحدين.
(٣) قال الجوهري : قال أبو زيد : العبد بالتحريك : الغضب والانف والاسم العبدة مثل الانفة ، وقد عبد أي أنف قال الفرزدق :
اولئك أحلاسى فجئنى بمثلهم |
|
وأعبد أن أهجو كليبا بدارم. |
قال أبو عمرو : وقوله تعالى : فأنا أول العابدين من الانف والغضب.