مختلفاً هنا ، إلا أنه ولا شك يخدم نفس الهدف ، ويسير في نفس الإتجاه ، حسبما ألمحنا إليه.
ولعلنا لا نبعد كثيراً إذا قلنا : إن قضية أذان بلال كانت كذلك تخدم نفس الهدف ، وتسير في نفس الاتجاه الذي توخياه صلوات الله وسلامه عليهما من موقفيهما من أبي بكر وعمر ، حسبما تقدمت الإشارة إليه ..
ومجمل تلك القضية هو : أن بلالاً كان في الشام ، فقدم إلى المدينة لزيارة قبر الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لرؤيا رآها.
وفيما هو يناجيه ، وإذا بالحسن والحسين قد أقبلا لزيارة جدهما وأمهما ، فلما رآهما تجددت أحزانه ، وأقبل إليهما يضمهما إلى صدره ، ويقول : كأني بكما رسول الله.
والتفتا إليه ، وقالا : إذا رأيناك ذكرنا صوتك ، وأنت تؤذن لرسول الله ، ونشتهي أن نسمعه الآن بعد غيابك الطويل.
وانطلق بلال من ساعته إلى سطح المسجد ، تلبية لرغبة السبطين ، فأجهش بالبكاء ، وانطلق صوته من ناحية المسجد إلى كل بيت في المدينة : الله أكبر ، لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، فهز المشاعر ، وارتجت المدينة من أصوات الباكين.
ومضى الذهبي يقول : فلما قال بلال : أشهدُ أنَّ محمداً رسول الله ، خرجت العواتق من خدورهن ، وظن الناس أنَّ رسول الله قد بعث من قبره. وما رؤي يوم أكثر باكياً ولا باكية بعد رسول الله من ذلك اليوم (١).
__________________
١ ـ تهذيب تاريخ دمشق ج ٢ ص ٢٥٩ وسير أعلام النبلاء ج ١ ص ٢٥٨ وسيرة الأئمة
=