يسار : « إن أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كانوا أعراباً جفاة ، فجئنا نحن أبناء فارس ، فلخصنا هذا الدين » (١).
وهكذا .. فإن أهل البلاد المفتوحة بعد الرسول صلىاللهعليهوآله قد بقوا على ما كانوا عليه من عاداتهم وتقاليدهم ، ومفاهيمهم الجاهلية ، التي كانت تهيمن على حركاتهم ، وعلى مواقفهم ، وعلى علاقاتهم الاجتماعية بصورة عامة ، ولم يتعمق الإسلام في وجدانهم ، ولا مسَّ ضمائرهم ، فضلاً عن أن يكونوا قد ذابوا فيه ، بحيث يصبح هو المهيمن ، والمحرك والدافع لهم في كل موقف وكل حركة ..
وعلى صعيد آثار هذه الظاهرة على المدى البعيد ، فقد كانت لها آثار سيئة جداً..فإن تلك العادات ، والتقاليد ، والمفاهيم ، والانحرافات الجاهلية ، والعلاقات القبلية ، والأهواء والأطماع الشخصية ، وما يتبع ذلك من ممارسات لا إنسانية لم ير فيها المستفيدون منها ، الذين ما عرفوا من الإسلام إلا اسمه ، ولا من الدين إلا رسمه أمراً مخالفاً للإسلام ، أو مصادماً له ، ولا أحسوا فيها أية منافرة أو منافاة له ، إن لم نقل : إنها ـ بزعم أولئك المستفيدين منها ـ قد انتزعت من الإسلام اعترافاً بها ، وأصبح يؤمِّن غطاء وحماية لها ، حيث قد صارت ملبسة بلباس الشرع ، ومصبوغة بصبغة الدين.
بل إن الحكام وأعوانهم ، ممن كان لهم مكانة ما لدى الناس ، بسبب صحبتهم للنبي صلىاللهعليهوآله ، ورؤيتهم له ـ هم أيضاً ، أو أكثرهم ـ لم يكن الإسلام قد تعمق في نفوسهم كثيراً ، بل بقوا على ما كانوا عليه من انحرافات ، ومن مفاهيم وتقاليد جاهلية وقبلية ، وقد استفادوا من مركزهم ، ومن موقعهم ، ومن مكانتهم في مجال تركيز تلك المفاهيم والعادات والانحرافات ، ولو عن
__________________
١ ـ لسان الميزان ج ٦ ص ١٣٦ وميزان الاعتدال ج ٤ ص ٢٢٧.