ومن جهة أخرى .. فإننا نجد : أن الحكام كانوا يستفيدون من تلك الفتوحات في مجال إرضاء طموحات الشباب ، وإشباع غرورهم ، إذا كانوا بصدد تأهيلهم لمناصب عالية ، وإظهار شخصياتهم .. بل لقد رأينا معاوية يجبر ولده يزيد لعنه الله على قيادة جيش غاز لبعض المناطق (١) والظاهر أن ذلك لأجل ما ذكرناه.
أضف إلى ذلك : أنهم كانوا يستفيدون منها كذلك في إبعاد المعترضين على سياساتهم ، والناقمين على أعمالهم ، وتصرفاتهم ، وكشاهد على ذلك نذكر : أنه لما تفاقمت النقمة على عثمان استدعى بعض عماله ومستشاريه ، وهم : معاوية وعمرو بن العاص ، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح ، وسعيد بن العاص ، وعبد الله بن عامر (٢). واستشارهم فيما ينبغي له عمله لمواجهة نقمة الناس على سياساته ، ومطالبتهم له بعزل عماله (٣) ، واستبدالهم بمن هم خير منهم ، فأشار عليه عبد الله بن عامر بقوله :
« رأيي لك يا أمير المؤمنين : أن تأمرهم بجهاد يشغلهم عنك ، وأن تجمرهم (٤) في المغازي ، حتى يذلوا لك ، فلا يكون همة أحدهم إلا نفسه ، وما
__________________
١ ـ راجع المحاسن والمساويء ج ٢ ص ٢٢٢ ونسب قريش لمصعب ص ١٢٩ / ١٣٠ وتاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٢٢٩.
٢ ـ يلاحظ : أن هؤلاء قد كانوا عماله باستثناء عمرو بن العاص. فإنه كان معزولاً آنئذٍ.
٣ ـ إن من الطريف جداً : أن يستشير عثمان نفس أولئك الذين يطالب الناس بعزلهم في نفس أمر العزل هذا؟!.
٤ ـ التجمير : حبس الجيش في أرض العدو.