كما أن مما زاد في تأكيد رفعة شأن قوم ، وخمول ذكر آخرين : أن العرب قد استفادوا كثيراً من تلك الفتوح التي جرت في عهد الخلفاء الثلاثة : أبي بكر ، وعمر ، وعثمان .. على صعيد التوسعة ، والرفاهية المادية ، وإرضاء المشاعر القومية.
وقد كان ثمة سياسة تهتم بترسيخ الاعتقاد بأن الولاة والأمراء كانوا هم السبب في ذلك كله .. الأمر الذي ساعد ـ بالإضافة إلى سياسة التمييز العنصري المشار إليها آنفاً ـ على المزيد من التعلق بأولئك الحكام والأمراء ، وحب استمرار حكمهم وسلطانهم ، وعدم الرغبة في التغيير حتى وإن كان ذلك التغيير لصالح القيم والمثل العليا ..
أضف إلى ذلك : أن الخليفتين الأولين كانا يظهران الزهد في الدنيا ، والانصراف عنها ..
وقد نتج عن ذلك كله .. أن علا شأن قوم ، وتألق نجمهم ، وخمل ذكر آخرين ، وخبت نارهم .. قال أمير المؤمنين عليه الصلاة السلام : مشيراً إلى ذلك : « إن أول ما انتُقِضنا بعده ، إبطال حقنا في الخمس ، فلما رق أمرنا طمعت رعيان البهم من قريش فينا » (١).
وقال عليهالسلام : « إن العرب كرهت أمر محمد صلىاللهعليهوآله ، وحسدته على ما آتاه الله من فضله ، واستطالت أيامه .. حتى قذفت زوجته ، ونقرت به ناقته ، مع عظيم إحسانه إليها ، وجسيم مننه عندها. وأجمعت مذ كان حياً على صرف الأمر عن أهل بيته بعد موته.
__________________
١ ـ أمالي الشيخ المفيد ص ٢٢٤.