وقال الزمخشري : « وفيه دليل لا شيء أقوى منه على فضل أصحاب الكساء » (١).
ويلاحظ : أن رواية الشعبي لقضية المباهلة لم تذكر علياً عليهالسلام ، فتحير الراوي في ذلك ، وعزا ذلك إما إلى سقط في رواية الشعبي أو لسوء رأي بني أمية في علي (٢) ولاريب في أن الثاني هو الأصوب ، حسبما عرفناه وألفناه من أفاعيلهم.
ونحن لا نستطيع في هذه العجالة أن نتعرض لجميع الجوانب التي لابد من بحثها في حديث المباهلة ، فإن ذلك يحتاج إلى تأليف مستقل ، ولكننا نكتفي هنا بالإشارة إلى الأمور التالية :
إن إخراج الحسنين عليهماالسلام في قضية المباهلة لم يكن بالأمر العادي ، أو الإتفاقي .. وإنما كان مرتبطاً بمعان ومداليل هامة ، ترتبط بنفس شخصية الحسنين عليهماالسلام ، فقد كانا صلوات الله وسلامه عليهما ذلك المصداق الحقيقي ، والمثل الأعلى ، والثمرة الفضلى التي يعنى الإسلام بالحفاظ عليها ، وتقديمها على أنها النموذج الفذ لصناعته الخلاقة ، والبالغة أعلى درجات النضج والكمال .. حتى إنه ليصبح مستعداً لتقديمها على أنها أعز وأغلى ما يمكن أن يقدمه في مقام التدليل على حقانيته وصدقه ، بعد أن فشلت سائر الأدلة والبراهين ـ رغم وضوحها ، وسطوع نورها ، وقاطعيتها لكل عذر ـ في التخفيف من عنت أولئك الحاقدين ، وصلفهم ، وصدودهم عن الحق الأبلج ..
فالنبي صلىاللهعليهوآله حينما يكون على استعداد للتضحية بنفسه
__________________
١ ـ الكشاف ج١ ص ٣٧٠ وراجع : الصواعق المحرقة ص ١٥٣ عنه ، وراجع الإرشاد للمفيد ص ٩٩ وتفسير الميزان ج ٣ ص ٢٣٨.
٢ ـ راجع : جامع البيان ج ٣ ص ٢١١.