أما الذي نريد الاستشهاد به , والإلفات إليه هنا ، فهو سؤال عمر لابن عباس : إن كان قد بقي شيء من أمر الخلافة في نفس علي عليهالسلام .. فإن ذلك يؤكد ما أشرنا إليه سابقاً ، من أن الهيئة الحاكمة كانت تهتم في أن ينسى وييأس عليَّ عليهالسلام من أمر الخلافة نهائياً ..
ولكنهم غفلوا عن أن تصدي علي والأئمة من ولده عليهمالسلام لهذا الأمر ، لم يكن إلا من أجل أنه مسؤولية شرعية ، وتكليف إلهي ، لا يمكن التسامح فيه ، ولا التخلي عنه .. وليس لهم اي خيار فيه .. تماماً كسائر التكاليف الشرعية الأخرى ، وإن كان هو يزيد عليها من حيث خطورته ، وأهميته القصوى ..
الناحية الثانية : تهيئة الأجواء لتمكين الحكم وتكريسه في غير أهل البيت عليهمالسلام ، وخلق العوامل والظروف التي لا تسمح بوصول أمير المؤمنين ، ولا أي من أهل البيت عليهم الصلاة والسلام إلى الخلافة في المستقبل القريب والبعيد على حد سواء. وتكريس الحكم فيمن يرغبون بتكريسه فيهم .. وقد تمثل ذلك في تدبيرات سياسية عدة ، من شأنها أن تجعلهم يطمئنون إلى نجاحهم فيما يرمون إليه ..
ونذكر من ذلك على سبيل المثال :
عدا عن أنهم قد أبعدوا كل من له هوى في علي عليهالسلام عن مراكز النفوذ (١) كما جرى لخالد بن سعيد بن العاص .. وكحرمانهم الأنصار ، الذين كان لهم هوى في أمير المؤمنين ، وأهل البيت عليهم الصلاة والسلام من المراكز الحساسة ، بل وحرمانهم من أبسط أنواع الرعاية (٢).
__________________
١ ـ تهذيب تاريخ دمشق ج ٥ ص ٥١ ، وتاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ١٣٣ والمصنف لعبد الرزاق ج ٥ ص ٤٥٤ وحياة الصحابة ج ٢ ص ٢٠ / ٢١ وطبقات ابن سعد ج ٤ ص ٧٠.
٢ ـ راجع كتابنا : الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلىاللهعليهوآله ج ٣ ص ١٥٠ حتى
=