أم أنه قد أدرك بنظره الثاقب ، وفكره الوقاد ما لم يستطع إدراكه سيد ولد آدم ، وإمام الكل ، وعقل الكل ، ومدبر الكل؟!.
وهل غيرته على الإسلام تبرر له اتهام النبي الأكرم صلى عليه وآله وسلم بالهجر والهذيان؟! إلى غير ذلك من الأسئلة التي لا مجال لها هنا ..
ومما يدل على على أن السياسة كانت تتجه نحو إبعاد علي عليهالسلام عن الساحة ، بحيث كان الناس يعرفون ذلك ، ويدركونه وكانوا مطمئنين إلى استبعاده من هذا الأمر وكانوا لا يرون حتى دخوله في جملة المرشحين له .. ما رواه عبد الرزاق ، من أن عمر قال لأحد الأنصار : « من ترى الناس يقولون يكون الخليفة بعدي؟ قال : فعدد رجالاً من المهاجرين ، ولم يسمِّ علياً ، فقال عمر : فما لهم من أبي الحسن؟ فوالله ، إنه لأحراهم إن كان عليهم أن يقيمهم على طريقة من الحق » (١).
وبعد ذلك كله .. فإنه يحتج لعمله ذاك ـ أعني تنظيم قضية الشورى ـ بأنه لا تجتمع عليه ـ أي على علي عليهالسلام ـ قريش، أو أن قومه أبوه ، أو غير ذلك (٢).
لكن .. لماذا لا تجتمع قريش وقومه عليه؟. ولماذا وكيف اجتمعوا على النبي صلىاللهعليهوآله نفسه ، مع أنه هو السبب الأول والأخير في كل ما أتاه إليه؟!.
وإذا كانوا مؤمنين ومسلمين ، فلماذا لا يقبلون بحكم الإسلام ، ولا ينقادون إليه؟!.
وإذا لم يكونوا كذلك ، فما الذي يضر لو خالفوا؟ وما المانع من جهادهم والوقوف في وجههم جينئذٍ ، كما جاهدهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من قبل ، وجاهدهم أمير المؤمنين عليهالسلام نفسه بعد ذلك؟! ..
__________________
١ ـ المصنف لعبد الرزاق ج ٥ ص ٤٤٦.
٢ ـ راجع شرح النهج للمعتزلي ج ١٢ ص ٨٠ و ٨٢ و ٨٤ و ٨٥ و ٨٦.