كلماته صلىاللهعليهوآله ومواقفه في هذا السبيل لا حتجنا إلى مجلدات كثيرة وكبيرة ، ولتعذر استيعابه في مدة طويلة .. ولكنه صلىاللهعليهوآله أراد في مرضه الأخير : أن يسجل ذلك في كتاب لا يمكن المراء فيه ، وليقطع دابر الخلاف من بعده ..
ولكن اتهامه بالهجر والهذيان ، من قبل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب بالذات ، قد جعل ذلك بلا جدوى ، ولا فائدة ، بل جعله سبباً في المزيد من الاختلاف والتشاجر ، والتمزق والتدابر ، فكان لا بد من تركه ، والانصراف عنه (١) ..
وقد صرح عمر نفسه لابن عباس : بأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أراد أن يصرِّح باسم علي عليهالسلام في ذلك الكتاب ، وأراد الله غيره ، فنفذ مراد الله تعالى ، ولم ينفذ مراد رسوله. أو كل ما أراد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان (٢)؟!
وقد ادعى عمر : أنه إنما منع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من كتابة الكتاب حيطة على الإسلام (٣) ..
وذلك عجيب حقاً؟! وأي عجيب!! .. فهل صحيح : إنه قد فعل ذلك من أجل ذلك؟ أم أنه قد كان وراء الأكمة ما وراءها؟!
وكيف يمكن أن نوفق بين دعواه هذه ، وبين نسبته ذلك آنفاً لإرادة الله سبحانه ، وقوله : « أو كلما أراد رسول الله صلى عليه وآله وسلم كان »؟!.
وهل يمكن أن نصدق : أن غيرته على الإسلام أكثر من غيرة نبيِّ الإسلام نفسه عليه؟!
__________________
١ ـ راجع بعض مصادر ذلك في مكاتيب الرسول ج ٢ ص ٦١٨ ـ ٦٢٦ وكتاب دلائل الصدق ج ٣ قسم ١ ص ٦٣ ـ ٧٠ والنص والإجتهاد ص ١٥٥ ـ ١٦٥ والمراجعات ص ٢٤١ ـ ٢٤٥.
٢ ـ شرح النهج للمعتزلي ج ١٢ ص ٧٨ / ٧٩.
٣ ـ نفس المصدر ج ١٢ ص ٧٩.