قلت : خلفته يلعب مع أترابه.
قال : لم أعن ذلك ، إنما عنيت عظيمكم أهل البيت.
قلت : خلفته يمتح بالغرب (١) ، على نخيلات فلان ، وهو يقرأ القرآن.
قال : يا عبد الله عليك دماء البدن إن كتمتنيها : هل بقي في نفسه شيء من أمر الخلافة؟
قلت : نعم.
قال : أيزعم أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم نص عليه؟
قلت : نعم .. وأزيدك : سألت أبي عما يدعيه ، فقال : صدق.
فقال عمر : لقد كان من رسول الله صلىاللهعليهوآله في أمره ذرو من قول (٢) ، لا يثبت حجة ، ولا يقطع عذراً ولقد كان يربع في أمره وقتاً ما. ولقد أراد في مرضه : أن يصرِّح باسمه ، فمنعت من ذلك ، إشفاقاً ، وحيطة على الإسلام. لا ، ورب هذه البنية ، لا تجتمع عليه قريش أبداً الخ ... » (٣).
وفي هذه القضية مواضع هامة ، ينبغي التوقف عندها ملياً ، ومحاكمتها محاكمة موضوعية وعميقة ، ولا سيما قول عمر أخيراً : « لقد كان من رسول الله صلىاللهعليهوآله في أمره ذرو من قول ، لا يثبت حجة الخ .. » فإن النبي صلىاللهعليهوآله قد استعمل مختلف الأساليب البيانية لتأكيد هذا الأمر وتثبيته : من التصريح ، والتلميح ، والكناية ، والمجاز ، والحقيقة ، والقول والفعل ، وحتى لقد أخذ البيعة له منهم في مناسبة « الغدير » .. ولو أردنا جمع ما وصل إلينا من
__________________
١ ـ الغرب : الدلو.
٢ ـ ذرو : أي طرف.
٣ ـ شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج ١٢ ص ٢٠ / ٢١ عن كتاب أحمد بن أبي طاهر في كتابه تاريخ بغداد ، مسنداً. وراجع ج ١٢ ص ٧٩ وكشف الغمة للأربلي ج ٢ ص ٤٩ ، وقاموس الرجال ج ٦ ص ٣٩٨ و ج ٧ ص ١٨٨ وبهج الصباغة ج ٦ ص ٢٤٤ وج ٤ ٣٨١ ، والبحار ط كمباني ج ٦ ص ٢١٣ و ٢٦٦ و ٢٩٢ ، وناسخ التواريخ ، المجلد المتعلق بالخلفاء ص ٧٢ / ٨٠ ومكاتيب الرسول ج ٢ ص ٦٢٠. وقد ذكر المحقق العلامة الأحمدي مساجلات عمر مع ابن عباس في كتابه القيم : مواقف الشيعة مع خصومهم .. فلتراجع ثمة مع مصادرها.