فجاء أصحابي ، فلاموني ، وقالوا : حرمتنا الغنيمة بعد أن بردت في أيدينا. فلما قفلنا ذكروا ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، فدعاني ، فحسَّن ما صنعت ، وقال : أما إن الله قد كتب لك من كل إنسان منهم كذا و كذا الخ .. » (١).
وقال الزبير للذي سأله عن مسيره لحرب علي (ع) : « حدثنا أن هاهنا بيضاء وصفراء ـ يعني دراهم ودنانير ، فجئنا لنأخذ منها » (٢).
وبعد ذلك كله ، فقد قال المعتزلي في مقام إصراره على لزوم دخول علي في الشورى ، لأن الأحقاد عليه من قريش والعرب كانت على أشهدها ـ قال ـ : « لا كإسلام كثير من العرب ، فبعضهم تقليداً وبعضهم للطمع والكسب ، وبعضهم خوفاً من السيف ، وبعضهم على طريق الحمية والانتصار ، أو لعدواة قوم آخرين من أضداد الإسلام وأعدائه » (٣).
وبعد كل ما تقدم .. فطبيعي : أن حياة النعيم والرفاهية لدى الهيئة الحاكمة وأعوانها ، وكذلك التمتع بالحسناوات والجواري ، من شأنه أن يزرع بذور الخمول ، وحب السلامة ، والإخلاد للراحة ، بحثاً عن الملذات .. ثم يستتبع ذلك : العمل على دفع الآخرين ليخوضوا الغمرات ، ويقدموا التضحيات ، في سبيل تأمين المزيد من تلك الامتيازات ، وفي سبيل حمايتها أيضاً :
هذا كله .. عدا عن أن الجواري اللواتي لم يسلمن ، أو لم يتعمق الإسلام في قلوبهن على الأكثر .. قد كن يعشن في قلب ذلك المجتمع ، وكن يتولين
__________________
١ ـ كنز العمال ج ١٥ ص ٣٣٠ عن أبي نعيم ، والحسن بن سفيان.
٢ ـ أنساب الأشراف ( بتحقيق المحمودي ) ج ٢ ص ٢٧١.
٣ ـ شرح النهج للمعتزلي ج ١٣ ص ٣٠٠.