اُسوة كاملة متكاملة ، مبرّأة من جميع العيوب الخَلْقيّة والخُلُقيّة ، والغاية من بعثة الأنبياء هي الطّاعة ، وطاعة النبيّ عليهالسلام واجبة في كلّ ما يأمر به وينهى عنه ، فإذا جاز عليه الخطأ والمعصية سقطت طاعته ، بل حرمتْ طاعته ، فلم تتحقّق الغاية من بعثته ، كما أنه لو جاز له الخطأ والسّهو والنسيان والمعصية ، لم يحصل اليقين بصدقه وصحّة ما يدّعيه وما ينسبه إلى الله ـ تعالى ـ في تبليغ الوحي الإلهي ، ولو صدر منه شيء من الخطأ والمعصية سقط من أعين النّاس ، ولم يعيروه اهتماماً أو ثقة ، وكان عمله مخالفاً لقوله فكان مصداقاً لقوله ـ تعالى ـ : ( كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ) (١) وهذا نقض للغرض من بعثته ، وأخيراً : إنّما تصدر المعصية ويقع الخطأ بسبب ما يعاني منه العاصي والمخطىء من ضعف في العقل أو فتور في العقيدة أو هشاشة في الإرادة ، فمن اتّصف بواحد منها كان في غاية العجز والنقصان ، وهو حينئذٍ لا يكون حجةٍ على العباد ، إضافة إلى أنّ هذا الشّخص لا يكون لائقاً لأن يكون وسيطاً بين الله ـ تعالى ـ وبين عباده ، إذ الوحي الإلهي يأبىٰ إلا أن يكون وعاؤه العقل الكامل الّذي بلغ مرتبة حقّ اليقين
__________________
(١) سورة الصفّ : ٣.