وحاز عليها ، ويحتاج إلى إرادةٍ فوق كلّ الإرادات لارتباطها المباشر والوثيق بالله ـ تعالى ـ وتبعيتها التّامّة لإرادة الله ـ تبارك وتعالى ـ.
فهو لا يريد إلا ما أراد الله ـ تعالى ـ ، ولا تتأثر إرادته إلا بإرادته ، ولا تتخلّف إرادته عن الإرادة الإلهيّة قيد شعرة ولا طرفه عين ، ومن كان ذلك كان معصوماً بالبداهة والضَّرورة ، ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ) (١) و ( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ) (٢).
ثمّ الأهمّ والأعظم من ذلك كلّه أنّ المتعارف بين النّاس كون الممثّل والسّفير ـ لا سيما إن كان تامّ الاختيار ومطلق الصّلاحية ـ مرآةً ودليلاً وآيةً يعبّر عن مستوىٰ من ينوب ويمثّل عنه علماً وحكمةً وقدرةً ورحمةً وصدقاً ووفاءً وهلمّ جرّا من الصّفات ، ولمّا كان النّبيّ سفيراً وممثلاً ، وكان الأنبياء سفراء الله ـ تعالى ـ في الأرض ينوبون عنه في كلّ شيء من التبليغ إلى التّطبيق ، وكانوا أدِلاءَ على الله ، كأنّ النّاظر إليهم ناظر الى صفات الله ـ تعالى ـ ، وكان ـ في أعين الناس ، وفي الواقع ، كلّ ما يصدر منهم محسوباً
__________________
(١) سورة النجم : ٣ ـ ٤.
(٢) سورة الشعراء : ١٩٣.