اللهِ ، إِنِّي وَجَدْتُ (١) بَعِيراً ، فَقَالَ : مَعَهُ حِذَاؤُهُ وَسِقَاؤُهُ (٢) ؛ حِذَاؤُهُ خُفُّهُ ، وَسِقَاؤُهُ كَرِشُهُ (٣) ، فَلَا
__________________
بعد التعريف ، أو لأخيك إن وجدت صاحبها وسلّمتها إليه ، أو تركتها حتّى يأخذها صاحبها أو غيره ، أو للذئب إن تركتها حتّى يأكلها الذئب ». وفي المرآة : « قوله عليهالسلام : هي لك ، أو لأخيك ، الغرض إمّا بيان التسوية والتخيير ، أو هو تحريص على الأخذ ، أي إن لم تأخذه تأكله الذئب ، وإن أخذته ووجدت مالكه أعطيته ، وإلاّ تملّكته ، فالأخذ أولى من الترك ».
وفي هامش الوافي عن المحقّق الشعراني : « قوله : أو للذئب ، تجويز لتملّك الشاة وأمثالها من الحيوانات الصغار ، أمّا البعير وأمثالها من الكبار ، فلا يجوز التقاطها.
قال في التذكرة : إنّ الأحجار الكبار كأحجار الطواحين والحباب الكبيرة وقدور النحاس العظيمة وشبهها ممّا ينحفظ بنفسه ، ملحقة بالإبل في تحريم أخذه ، بل هو أولى منه ؛ لأنّ الإبل في معرض التلف ، إمّا بالأسد أو بالجوع أو العطش أو غير ذلك ، وهذه بخلاف تلك ، ولأنّ هذه الأشياء لا تكاد تضيع عن صاحبها ولا تخرج من مكانها ، بخلاف الحيوان ، فإذا حُرّم أخذ الحيوان فهذه أولى ، وكذا السفن المربوطة في الشراع المعهودة لا يجوز أخذها والأخشاب الموضوعة على الأرض ، أمّا السفن المحلولة الرباط السائرة في الفرات وشبهها بغير ملاّح فإنّها لقطة إذا لم يعرف مالكها. انتهى.
وذلك لأنّ التصرّف في مال الغير غير جائز ، واجيز الالتقاط في ما يضيع ويفقد ، وبقي الباقي على عدم الجواز. والظاهر أنّ هذه الأموال الثقيلة متروكة عمداً من جهة مالكه ، واللقطة متروكة نسياناً أؤ قهراً بغير اختيار ، وعلم من ذلك أنّ مثل الحمار والبقرة ملحق بالبعير في عدم الجواز وإن لم يكن فيها نصّ. هذا كلّه في الالتقاط ، أي الأخذ بنيّة التعريف والتملّك ، وأمّا بنيّة الحفظ لمالكها فالظاهر الجواز في جميع هذه الأشياء ، ومنع صاحب الجواهر منه أيضاً ، وينبغي الحكم بجوازه إذا خيف الخطر حتّى على مثل البعير والبقر ». وراجع : تذكرة الفقهاء ، ج ٢ ، ص ٢٦٨. وفي هامش الكافي المطبوع : « أي ينبغي أن تأخذه وتعرّفه حتّى لا يأخذها أخوك ؛ يعني رجل آخر ، أو يأخذها الذئب ».
(١) في « ط » : « قد وجدت ».
(٢) في التهذيب ، ص ٣٩٤ : ـ « معه حذاؤه وسقاؤه ». والسقاء : ظرف الماء من الجلد. النهاية ، ج ٢ ، ص ٣٨١ ( سقا ).
(٣) في « ى ، بح ، جد ، جن » والتهذيب ، ص ٣٩٢ : « وكرشه سقاؤه ». وفي « ط » : « وكرشه سقاه ». وفي الصحاح ، ج ٣ ، ص ١٠١٧ ( كرش ) : « الكرش : لكلّ مجترّ بمنزلة المعدة للإنسان ، تؤنّثها العرب ، وفيها لغتان : كَرِش وكِرْش ، مثل كَبِد وكِبْد ». والمجترّ : الحيوان الذي أعاد المأكول من بطنه فمضغه ثانية ، من الجِرَّة ، وهو ما يخرجه البعير من بطنه ؛ ليمضغه ، ثمّ يبتلعه.
وفي هامش الكافي المطبوع : « الكرش ، ككتف : لكلّ مجترّ بمنزلة المعدة للإنسان ، أي ليس له محلّ مخصوص للطعام وآخر للماء ، كما في الشاة ، بل محلّهما واحد ، وهي الكرش ، حتّى أنّا سمعنا من جمّال يقول : أروينا بعيراً فسرنا بعد منازل حتّى بلغنا بيداء قفر لم يوجد فيه شيء أصلاً ، فنحرنا البعير ، فإذا في كرشه وأمعائه الماء قد امتلأ ، ومنه الحديث : البغل كرشه سقاؤه ».