بالذكر الكثير مطلقا تدل على مزيد اختصاص للوقتين بالذكر والتسبيح وكذا آية المؤمن تأمر بالتسبيح والتحميد في الوقتين ، بل الاستغفار أيضا على أحد الاحتمالين ، وكذا آية الفتح وآية ق تدل على تأكد استحباب التسبيح والتحميد قبل الطلوع وقبل الغروب ، والتعقيب في أدبار الصلوات.
وروى في مجمع البيان (١) عن الصادق عليهالسلام أنه سئل عن هذه الاية فقال تقول حين تصبح وحين تمسي عشر مرات ( لا إله إلا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو علي كل شئ قدير ) ولذا قال بعض المحدثين بوجوب هذا التهليل في هذين الوقتين لكون الاصل في أوامر القرآن المجيد الوجوب عندهم كما دل عليه بعض الاخبار وآية الدهر تدل على فضل مطلق الذكر في الوقتين.
وبالجملة الايات متظافرة والاخبار متواترة في فضل الدعاء والذكر في هذين الوقتين شكرا لنعمة ما مضى من اليوم ، وما تيسر له فيه من نعم الله الكاملة ، وتمهيدا لما يستقبله من الليل واستعاذة من طوارقه ، واستجلابا لبركاته وفوائده ، والتوفيق فيه لطاعة ربه ، وكذا العكس ولان في الوقتين الفراغ للعبادة والدعاء أكثر ، وفي الصباح لم يشتغل بأعمال اليوم بعد ، وفي المساء قد فرغ منها.
وأيضا فيهما تظهر قدرة الله الجلية من إذهاب الليل والاتيان بالنهار ، وبالعكس مع مافيهما من المنافع العظيمة الدالة على كمال لطفه وحكمته سبحانه ، فيستحق بذلك ثناء طريفا وشكرا جديدا.
وأيضا في الوقتين يظهر بينا أن جميع الممكنات في معرض التبدل والتغير والفناء والانقضاء ، وهو سبحانه باق على حال لايعتريه الزوال ، ولايخاف عليه الاهوال ولاتتبدل عليه الاحوال ، فيتنبه العارف المتدبر في الارض والسماء ، أنه سبحانه المستق للتسبيح والتمجيد ، والتحميد والثناء العتيد.
وبعبارة اخرى في هاتين الساعتين تنادي جميع المخلوقات في الارضين والسموات
____________________
(١) مجمع البيان ج ٩ ص ١٥٠