الله ومن يفعل ذلك فاولئك هو الخاسرون (١).
تفسير : قد مضت الاخبار في تفسير الصلاة الوسطى بصلاة الجمعة ، وأن المراد بقوله : ( قوموا لله قانتين ) أي في الصلاة الوسطى ، وقال الراوندي رحمه الله في فقه القرآن ، قالوا : نزلت هذه الاية يوم الجمعة ، ورسول الله صلىاللهعليهوآله في سفر ، فقنت فيها وتركها على حالها في السفر والحضر.
( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي (٢) للصلاة من يوم الجمعة ) لاريب في نزول
____________________
(١) المنافقون : ٩.
(٢) ومن الايات الكريمة التى تشير إلى نداء الاذان للصلوات قوله تعالى عزوجل ( واذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا ) المائده : ٥٨ ، الا أنه في سائر الايام و مطلق الصلوات يقول : ( اذا ناديتم ) بصيغة الجمع ، كأنه يجوز نداءات متعددة : نداء للصلاة في مسجد الزقاق ، ونداء للصلاة في مسجد القبيلة ، ونداء للصلاة في المسجد الاعظم فيجوز انعقاد جماعات متعددة في بلدة واحدة.
وأما في يوم الجمعة وصلاتها ، فقد قال عزوجل : ( اذا نودى للصلاة من يوم الجمعة ) فمع أنه يخاطب المؤمنين جميعهم في صدر الاية بقوله : ( يا أيها الذين آمنوا ) لايكلفهم بالتأذين واقامة الجمعة ولا واحدا منهم ، بل يأمرهم بأنه اذا حصل النداء ونودى بالاجتماع للصلاة ، فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ، ومفاد الشرطية أنه اذا لم يحصل النداء ولم يناد بالاجتماع فلا تكليف عليكم الا ما كان في سائر الايام غير الجمعة والاجتماع ، وهو الصلاة أربع ركعات كل في مسجده.
فمفروض الاية أن هناك من هو فوق المؤمنين ووليهم ، وهو الذى يأمر المؤذن للنداء بصلاة الجمعة اذا تمكن في مقامه كما أن رسول الله صلىاللهعليهوآله لما تمكن في المدينة صلى صلاة الجمعة في أول جمعة وردها على ما سيجئ شرحه ، واذا لم يتمكن في مقامه ، كما اذا كان في سفر أو في خطر لم يأمر مؤذنه بالنداء للاجتماع كما لم يفعل ذلك رسول الله مدة اقامته بمكة المكرمة ولا في أسفاره إلى الغزوات وغيرها.