ثم ذكر امتنانه على عباده بأنه بعث في قوم اميين عارين عن العلوم والمعارف رسولا منهم ، ليكون أدعى لهم إلى قبول قوله ، يتلو عليهم آياته المشتملة على مصالحهم ويطهرهم من الصفات الذميمة والنقائص والجهالات ، ويعلمهم الكتاب والحكمة ولقد كانوا من قبله لفي ضلال مبين عن الملة والشريعة فلا بدلهم من قبول قوله في كل ما يأمرهم به ، ومنها هذه الصلاة.
ثم بين أن شريعة هذا النبى وأحكامه لا تختص بقوم ، ولا بالموجودين في زمانه ، بل شريعته باقية ، وحلال حلال ، وحرامه حرام إلى يوم القيامة ، ردا على من يزعم أن الخطاب مخصوص بالموجودين فقال ( وآخرين منهم ) أي ويعلم آخرين من المؤمنين ( لما يلحقوا بهم ) وهم كل من بعد الصحابة إلى يوم القيامة.
ثم هدد وحث بوصف نفسه سبحانه مرة اخرى بالعزيز الحكيم ، ثم عظم شأن النبوة لئلا يجوزوا مخالفة النبي صلىاللهعليهوآله فيما أتى به من الشرايع ، ثم ذم الحاملين للتوراة ، العالمين غير العاملين به ، تعريضا لعلماء السوء مطلقا ، بأنهم لعدم عملهم بعلمهم كالحمار يحمل أسفارا.
ثم أوعدهم بالموت الذي لابد من لقائه ، وبما يتبعه من العذاب والعقاب ، و نبههم على أن ولاية الله لاتنال إلا بالعمل بأوامره سبحانه ، واجتناب مساخطه وليس ذلك بالعلم فقط ، ولا بمحض الدعوى.
ثم لما مهد جميع ذلك ، خاطبهم بما هو المقصود من السورة أحسن خطاب وألطفه.
الثالث : أنه سبحانه أكد في نفس الاية المنزلة لذلك ضروبا من التأكيد : الاول : إقباله تبارك وتعالى إليهم بالخطاب ، تنشيطا للمكلفين وجبرا لكلفة التكليف بلذة المخاطبة.
الثاني أنه ناداهم بياء الموضوعة لنداء
البعيد ، تعظيما لشأن المنادى له ، و
تنبيها على أنه من العظم والجلالة بحيث المخاطب في غفلة منه وبعد عنه ، وإن كان