إليها حتى يبلغها ، وكم عسى أن يكون بقاء من له يوم لايعدوه ، وطالب حثيث من الموت يحدوه.
فلا تنافسوا في عز الدنياو فخرها ، ولاتعجبوا بزينتها ونعيمها ، ولاتجزعوا من ضرائها وبؤسها ، فان عز الدنيا وفخرها إلى إنقطاع ، وإن زينتها ونعيمها إلى ارتجاع وإن ضراءها وبؤسها إلى نفاد ، وكل مدة منها إلى منتهى ، وكل حي فيها إلى بلى.
أو ليس لكم في آثار الاولين وفي آبائكم الماضين معتبر وبصيرة إن كنتم تعقلون ، أو لم تروا إلى الاموات لايرجعون ، وإلى الاخلاف منكم لا يخلدون ، قال الله والصدق قوله ( وحرام على قرية أهلكناها أنهم لايرجعون ) وقال : ( كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون اجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز وما الحيوة الدنيا إلا متاع الغرور ).
أولستم ترون إلى أهل الدنيا وهم يصبحون على أحوال شتى ، فمن ميت يبكى ومفجوع يعزى ، وصريع يتلوى ، وآخر يبشر ويهنا ، ومن عائد يعود ، وآخر بنفسه يجود ، وطالب للدنيا والموت يطلبه ، وغافل وليس بمغفول عنه ، وعلى أثر الماضي ما يمضي الباقي ، والحمدلله رب العالمين ، ورب السموات السبع ورب الارضين السبع ، ورب العرش العظيم ، الذي يبقى ويفنى ما سواه ، وإليه موئل الخلق ومرجع الامور ، وهو أرحم الراحمين.
إن هذا يوم جعله الله لكم عيدا ، وهو سيد أيامكم ، وأفضل أعيادكم وقد أمركم الله في كتابه بالسعي فيه إلى ذكره ، فلتعظم فيه رغبتكم ، ولتخلص نيتكم ، وأكثروا فيه من التضرع إلى الله ، والدعاء ومسألة الرحمة والغفران ، فان الله يستجيب لكل مؤمن دعاءه ، ويورد النار كل مستكبر عن عبادته ، وقال الله تعالى ( ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادته سيدخلون جهنم داخرين ).
واعلموا أن فيه ساعة مباركة لايسأل الله
فيها عبد مؤمن خيرا إلا أعطاه الله