الخصائص الأسلوبية لهذا النص لا تتعلق بمحدث هذه الأفعال وموجدها ، وإنما العناية متجهة نحو الحدث ، ولفت الأنظار حوله ، والعناية به. لتكون العبرة أشد ، واليقظة أعظم.
٢ ـ وفي التعبير المجازي قد يسند الفعل لغير فاعله الحقيقي ، تأكيدا على هذه الظاهر ، وكأن الفعل متلبس بالفاعل ، وكأن الفاعل غير الحقيقي قد توصل إليه ففعله ، وإن يكن لهذا الفاعل حول أو طول ، أو ليس من شأنه ذلك بل المحدث غيره في كل من قوله تعالى :
أ ـ ( أقتربت السّاعة وأنشق القمر (١) )(١).
ب ـ ( يوم تمور السّماء مورا (٩) وتسير الجبال سيّرا (١٠) )(٢).
ج ـ ( اذا السّماء انفطرت (١) وإذا الكواكب انتثرت (٢) )(٣).
د ـ ( فارتقب يوم تأتي السّماء بدخان مّبين (١٠) )(٤).
وواضح أن الساعة لا تقترب تلقائيا ، وأن القمر لا ينشق ذاتيا ، وأن الساء لا تمور إراديا ، وأن الجبال لا تسير اختياريا ، وأن السماء أيضا لا تنفطر من نفسها ، وأن الكواكب لا تنتثر بحالها ، وأن السماء لا تأتي بدخان مبين بإرادتها. وأنما أضيف لها الفعل لتضخيم الحدث ، وليتجه التفكير نحوه ، فالفاعل الحقيقي هو غير ما أسند إليه الفعل وتأتي ، فالساعة تقترب حتما ، والقمر ينشق قطعا ، والسماء تمور وتنفطر وتأتي بالدخان مسخرة ، والجبال تسير لا شك في هذا ، والكواكب تنتثر من تلقاء نفسها ، ولا يحتاج كل هذا الى كبير أمر ، فقد سخرها ربها لتلقي الحدث فهي صاحبته في مناخ قاهر لا عهد لها به ، فتتطوع بهذه الأفعال بذاتيتها دون التلويح الى الفاعل الحقيقي.
ومما يؤسف له حقا أن ينشغل أكثر المفسرين عن هذا الملحظ
__________________
(١) القمر : ١.
(٢) الطور : ٩ ـ ١٠.
(٣) الانفطار : ١ ـ ٢.
(٤) الدخان : ١٠.