وكيف لنا تصديقه ، وإمام إمامه ـ أعني أحمد بن حنبل الذي هو إمام ابن تيمية شيخ ابن قيّم الجوزية ـ جاء في كتابه ( العلل ومعرفة الرجال ) ، قال : ( قال أبو عبد الرحمن : أحصيتها ـ يعني الأحاديث ـ ما قال ابن عباس سمعت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، ورأيت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وبت عند النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فإذا هي ثمانون أو نيّف وسبعون ) (١).
أقول : ومع هذا الإحصاء فقد فاته أن يشير إلى ما اشتمل على نداء المخاطبة ، نحو حديث الشهادة عن ابن عباس ، قال : ( ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الرجل يشهد بالشهادة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( أمّا أنت يا بن عباس فلا تشهد إلاّ على أمر يضيئ لك كضياء الشمس ) ، وأومأ بيده إلى الشمس ) (٢) ، أو مثل : ( إنّ رسول الله أكل كتف شاة ولم يتوضأ ) (٣) ، ممّا دلّ على عنصر المشاهدة ظاهراً.
أمّا الذين أفرطوا في الكثرة فربما كانوا أعذر من أولئك المقلّين ، إذ لهم فيما يذكرونه نحو تعذير! فمثلاً مَن يرى في صحيح البخاري ـ الذي هو عند من يراه أصح كتاب بعد كتاب الله (؟) ـ ولا يقصر عنده صحيح مسلم في الإعتبار وما اتّفقا عليه فليس فيه نقاش وهو مقبول عندهم ، ثم يقرأ ما يقوله النووي ـ وهو شيخ أهل الصنعة ـ قال : ( روي
____________________
(١) العلل ومعرفة الرجال ٢ / ١٠٢ رقم ١٧١٧ تح وصي الله بن محمود ط المكتب الإسلامي بيروت ٢٠٠٨م.
(٢) الكامل لابن عدي ٦ / ٢٠٧.
(٣) نفس المصدر.