وقفة تحقيق في الطريق
إنّ ابن عباس رضي الله عنه لمّا كان يروي عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قوله : ( اتقوا الحديث عنّي إلاّ ما علمتم فإنّه من كذّب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ) (١) ، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( إنّ هذا العلم دين فأجيزوا الحديث ما أسند إلى نبيكم ) (٢) ، فهل يعقل أن يتخطى هو ما مُثّل له من سبيل؟
ولا أدلّ على إحتياطه في رواية الحديث من حديثه مع بشير ابن كعب العدوي ، وقد رواه مسلم في مقدمة صحيحه : ( بسنده عن طاووس قال : جاء هذا إلى ابن عباس ـ يعني بشير بن كعب ـ فجعل يحدّثه ، فقال له ابن عباس : عد لحديث كذا وكذا ، فعاد ثم حدّثه ، فقال له : عد لحديث كذا وكذا ، فعاد له ، فقال له : ما أدري أعرفت حديثي كله وأنكرت هذا؟ أم أنكرت حديثي كلّه وعرفت هذا؟ فقال له ابن عباس : إنّا كنّا نحدّث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ لم يكن يُكذب عليه ، فلمّا ركب الناس الصعب والذلول تركنا الحديث عنه ) (٣).
____________________
(١) الموضوعات لابن الجوزي ١ / ٨٢.
(٢) الكامل لابن عدي ١ / ١٤٩.
(٣) صحيح مسلم ١ / ١٠.