المرتضى (١) وأبو حيان الأندلسي (٢).
وأكدّ علاء الدين البخاري على أنّ المقصود هو مجموع الاُمّة فقال : ( فيقتضي ذلك أن يكون مجموع الاُمّة موصوفاً بالعدالة ، إذ لا يجوز أن يكون كل واحد موصوفاً بها ، لأنّ الواقع خلافه ) (٣).
وبعد ، فإنَّ من غير الصحيح الاستدلال بالآية الكريمة على عدالة الصحابة أجمعين ، أمّا على تفسير العلاّمة الطباطبائي فالأمر واضح ، وأمّا على ما ذكرنا سابقاً من ضرورة لحاظ آيات القرآن الكريم كلّها وضمّ بعضها إلى البعض الآخر ، فهي وانْ شملت الأفراد لكن «الذين آمنوا» فقط ، دون « الذين في قلوبهم مرض » و « المنافقين » ، وأمّا على أقوال الجمهور ، فلا يمكن أن يكون المقصود أفراد الاُمّة واحداً واحداً ليستفاد منها عدالة الصحابة ، لأن الواقع خلافه كما نصّ عليه العلاء البخاري.
فالآية الكريمة جعلت المسلمين أمّة وسطاً أو عدلاً ، وهذه الوسطية والعدلية ممتدة مع امتداد الاُمّة الإسلامية في كلِّ عصر وزمان ، فالاُمّة الإسلامية في مراحل لاحقة هي أمّة وسط في عقيدتها وشريعتها وتطبيقها للمنهج الإسلامي ، وفي مرحلتنا الراهنة حينما نقول إنّ الاُمّة الإسلامية أُمّة وسط أو أمّة عادلة ، يصح القول إذا كان المقصود مجموع الاُمّة ، أمّا سراية الوسطية والعدلية للأفراد فرداً فرداً فلا تصح ، لأنّ الواقع يخالف ذلك ، فكثير من المسلمين بعيدون عن الإسلام كلّ البعد في تصوراتهم
__________________
(١) الشافي في الإمامة ١ : ٢٣٢ وما قبلها.
(٢) تفسير البحر المحيط ١ : ٤٢١.
(٣) كشف الأسرار ، لعلاء الدين البخاري ، دار الكتاب العربي ـ بيروت ١٣٩٤ ه.