ومشاعرهم ومواقفهم ، فكيف نعمّم العدالة على الأفراد ؟ وما نقوله هنا نقوله في حقّ أفراد الاُمّة في زمن النزول ، فالآية مختصة بمجموع الاُمّة بما فيها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والعترة الطاهرة : والمهاجرون والأنصار السابقون للخيرات والذين لم يخالفوا الأوامر الإلهية والنبوية طرفة عين ، واستمروا على ذلك حتى بعد رحيل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
الآية الثالثة : قال تعالى : ( وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ) (١).
استدل البعض على طهارة وعدالة جميع الصحابة فرداً فرداً بهذه الآية الكريمة ومنهم عبدالرحمن الرازي (٢).
ووجه الاستدلال : أنّ الله تعالى جمع بين مشاقة الرسول واتّباع غير سبيل المؤمنين في الوعيد ، فيكون اتّباع سبيلهم واجباً ، ولا يصح الأمر باتّباع سبيل من يجوز عليهم الانحراف والريبة والفسق.
ولا علاقة للآية بمسألة عدالة الصحابة أبداً كما لا يخفى. ومع التنزل فإنّ الاستدلال بهذه الآية على عدالة جميع الصحابة فرداً فرداً لا يصح من عدة وجوه :
الأول : ذهب كثير من المفسرِّين والمتكلمين إلى أنَّ المقصود بسبيل المؤمنين هو مجموع الأمّة ، ومنهم القصّار المالكي والسبكي (٣).
__________________
(١) سورة النساء ٤ : ١١٥.
(٢) الجرح والتعديل ، لعبدالرحمن الرازي ١ : ٧.
(٣) المقدمة في الاُصول ، للقصّار المالكي : ٤٥. والابهاج في شرح المنهاج ، للسبكي ٢ : ٣٥٣.