نزلت هذه الآية وآيات اُخرى في الصحابة الذي اتهموا إحدى زوجات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالفاحشة ، فكان بعضهم من المنافقين ، وكان البعض الآخر من الصحابة غير المنافقين ، قال ابن كثير : ( جماعة منكم يعني ماهو واحد ولا اثنان ، بل جماعة .. فكان المقدّم في هذه اللعنة عبدالله بن أبَي بن سلول رأس المنافقين ، فإنّه كان يجمعه ويستوشيه حتى دخل ذلك في أذهان بعض المسلمين فتكلموا به ، وجوزه آخرون منهم ، وبقي الأمر كذلك قريباً من شهر حتى نزل القرآن ) (١).
فقد ارتكب جماعة من الصحابة ذنباً عُدّ من كبائر الذنوب ، فاتهام المسلمة وقذفها من الكبائر ، فكيف والمتّهمة زوجة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ؟!
ولم يحاول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم تبرئة زوجته محتجاً بأنّ شرف الصحبة له يمنعها من ممارسة ما اتهمت فيه ، وإنّما انتظر الوحي واكتفى صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله : « يا معشر المسلمين من يعذرني من رجلٍ قد بلغني أذاه في أهل بيتي ... ولقد ذكروا رجلاً ما علمت عليه إلاّ خيراً ».
فقام سعد بن معاذ الأنصاري فقال : ( يا رسول الله ، أنا أعذرك منه إن كان من الأوس ضربت عنقه ، وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك ) ، فقام سعد بن عبادة ، وهو سيد الخزرج ، وكان قبل ذلك رجلاً صالحاً ، ولكن احتملته الحميّة ، فقال لسعد : ( كذبت ، لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله ) ، فقام أُسيد بن حضير ، وهو ابن عم سعدٍ ، فقال لسعد بن عبادة : ( كذبت ، لعمر الله لنقتلنّه ، فإنّك منافق تجادل عن
__________________
(١) تفسير القرآن العظيم ٣ : ٢٧٩.