بعدك » (١).
والرواية واضحة الدلالة في أنّ هؤلاء الأصحاب كانوا معروفين في الناس بالاستقامة في حياة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولكنّهم انحرفوا من بعده.
وفي رواية أخرى أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « ليردنَّ على الحوض رجال ممّا صحبني ورآني ، حتى إذا رفعوا إليَّ ورأيتهم اختلجوا دوني ، فلأقولنَّ : ربِّ أصحابي أصحابي ! فيقال : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك » (٢).
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّكم محشورون إلى الله تعالى ... ثم يؤخذ بقوم منكم ذات الشمال ، فأقول : يا ربِّ أصحابي ! فيقال لي : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، لم يزالوا مرتدين على أعقابهم مذ فارقتهم ، فأقول كما قال العبد الصالح : ( وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ ) » (٣).
والعذاب المذكور في الآية قرينة على ارتكاب الذنب والاتّصاف بالفسق والخروج عن العدالة والاستقامة ، وإلاّ لا موجب لعذاب العادل النزيه.
ومن خلال تتبع الروايات نجد أنَّ الانحراف عن نهج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والابتعاد عن المفاهيم والقيم الإسلامية المعبّر عنه بالارتداد والرجوع
__________________
(١) مسند أحمد ٢ : ٣٥. وبنحوه في صحيح مسلم ٤ : ١٨٠.
(٢) مسند أحمد ٦ : ٣٣. وبنحوه في صحيح البخاري ٨ : ١٤٨ و ٩ : ٥٨.
(٣) مسند أحمد ١ : ٣٨٩. وبنحوه في : صحيح البخاري ٦ : ٦٩ ـ ٧٠ ، ١٢٢. والآية من سورة المائدة ٥ : ١١٧ ـ ١١٨.