على الأعقاب والتقهقر ، قد عمّ عدداً كبيراً من الصحابة الذين صحبوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم صحبة ليست بالقصيرة ، وقد عبّر صلىاللهعليهوآلهوسلم عن كثرتهم بالقول : « بينا أنا قائم إذا زمرة ، حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم ، فقال : هَلُمَّ ، فقلت : أين ؟ قال : إلى النار والله ، قلتُ : وما شأنهم ؟ قال : إنّهم ارتدّوا بعدك على أدبارهم القهقرى ، ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم ... قال : إنّهم ارتدّوا بعدك على أدبارهم القهقرى ، فلا أراه يخلص منهم إلاّ مثل همل النعم » (١).
والروايات المتقدّمة تنصّ على أنّ المتسائل هو رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والمجيب غيره ، وهنالك روايات تنصّ على أنّ المجيب هو رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مباشرة حيثُ يخاطب بعض أصحابه في يوم القيامة بإثبات إنحرافهم عن الاستقامة بعد رحيله من الدنيا ، كما هو في الرواية عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : « ما بال أقوام يقولون : إنّ رحمي لا ينفع ، بلى والله إنّ رحمي موصولة في الدنيا والآخرة ، وإنّي أيُّها الناس فرطكم على الحوض ، فإذا جئت قام رجال ، فقال هذا : يا رسول الله ، أنا فلان ، وقال هذا : يا رسول الله أنا فلان ، وقال هذا : يا رسول الله أنا فلان ، فأقول قد عرفتكم ولكنكم أحدثتم بعدي ورجعتم القهقرى » (٢).
وتنص الروايات على أنَّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يتبرء منهم ولا يتدخل في إنقاذهم ممّا هم فيه عند ورودهم الحوض ، ففي رواية يقول صلىاللهعليهوآلهوسلم : « .. فأقول أصحابي أصحابي ! فقيل : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك ،
__________________
(١) صحيح البخاري ٨ : ١٥١.
(٢) المستدرك على الصحيحين ٤ : ٧٤ ـ ٧٥.