عالم الحس بقتلها وقهرها ) (١) ، فالتحدي الكبير امام الفكر التوحيدي هو إيجاد الإطار المناسب والفهم الصحيح للتفاعل بين الغيب والشهادة ... إن باقر الصدر يقر بأنشداد الإنسان الشرقي للغيب وافتتانه به وإنه يختلف عن الإنسان الأوروبي الذي ينظر بطبيعته دائماً إلى الأرض لا إلى السماء حتى ان نظرتهم الدينية تأثرت بهذا الافتتان الأرضي فأنزلوا الإله من السماء إلى الأرض ... وكان المسيح عندهم ابن الله ( نعم لقد استطاع الأوربي من خلال النظر إلى الأرض أن يفجر طاقات هائلة في الدنيا ولكن أدت به أيضاً إلى التنافس المحموم على الأرض وخيراتها ونشأت أشكال من استغلال الإنسان لاخيه الإنسان لأن تعلق هذا الكائن بالأرض وثرواتها جعله يضحي بأخيه ويحوله من شريك إلى أداة ) (٢) ، ولكن لا يقر بأن هذا الانشداد إلى الغيب ، يحتّم الجمود أو الانسحاق و ( انما يكن ان تؤدي نظرة إنسان العالم الإسلامي إلى السماء قبل الأرض إلى موقف من هذه المواقف السلبية إذا فصلت الأرض عن السماء أما إذا ألبست الأرض إطار السماء وأعطي العمل مع الطبيعة صفة الواجب ومفهوم العبادة فسوف تتحول تلك النظرة الغيبية لدى الإنسان إلى طاقة محركة وقوة دفع نحو المساهمة بأكثر قدر ممكن في رفع مستوى الحياة وهذا بالضبط ما تصنعه الدولة الإسلامية فإنها لا تنزع من الإنسان نظرته
__________________
١ ـ م. ن ، ص ١٠٨.
٢ ـ محمد باقر الصدر ، الإسلام يقود الحياة ، م. س ، ص ٢٢٨.