الثالث والرابع ويكون كلاهما صورة معقولة لمبدأ ( الأمر بين الأمرين ) ، ولكنه في الأخير يبطل الرابع ( لكن مجرد اختيار المذهب الشيعي في المسألة الأولى ( المستوى الكلامي من البحث ) القائل بأن للإنسان دخلا في الفاعلية كما أن لله دخلا فيها أو اختيار المذهب المعتزلي القائل بأن الانسان هو الفاعل محضاً لا يحتم كون الإنسان مختاراً غير مجبور في فعله فلعل صدور الفعل من الإنسان كصدور الإحراق من النار بناء على فاعلية النار للاحراق ) (١).
ولذلك فالمشكلة لا تنحل إلاّ ببحث ( المسألة الثانية الفلسفية ) : وهي ناشئة من ( شبهة فلسفية تنفي الاختيار حتى بعد الاعتراف بأن الفعل فعل الإنسان وهذه الشبهة مركبة من مقدمتين :
المقدمة الأولى : ان الاختيار ينافي الضرورة فان الضرورة تساوق الاضطرار المقابل للاختيار من قبيل حركة يد المرتعش التي هي ضرورية.
المقدمة الثانية : أن صدور الفعل من الإنسان يكون بالضرورة لأن الفعل صادر منه ممكن من الممكنات فتحكمه القوانين السائدة في كل عالم الإمكان القائلة ( بأن الممكن ما لم يجب بالغير لم يوجد ) فالجمع بين هاتين المقدمتين تثبت ان الإنسان غير مختار في أفعاله إذ لا يصدر منه فعل إلاّ بالضرورة والضرورة تنافي الاختيار ) (٢). بلغة أخرى أن الشبهة ناشئة من التلازم بين الضرورة التي تفرضها عموم قانون العلية لعالم
__________________
(١) و (٢) م. ن ، ص ٣٠.