الممكنات وبين الحرية التي تتنافى مع الضرورة ... فكيف نوفق بين العلية والحرية؟ هذه هي المعضلة التي أرهقت عقول الفلاسفة والاصوليين! ... لقد طرحت عدة مسالك لحل المعضلة استعرضها الشهيد الصدر في بحثه الأصولي (١) وناقشها ... هذه المسالك تتراوح بين انكار المقدمة الأولى ... ( الضرورة تنافي الاختيار ) وبين انكار المقدمة الثانية : ( قوانين العلية ) ، أو انكار عموم قوانين العلية وأنها لا تشمل الافعال الإنسانية الاختيارية ( محاولة المحقق النائيني ) وبين مسلك آخر يرى ان الطبيعة جهزت الإنسان بقابليات يصعب معها التنبؤ بتصرفه والاختيار ينتزع مِنْ هذه الفرصة .. ان كل هذه المحاولات قاصرة عن اثبات الاختيار .. وانما حلت المشكلة صورياً .. وهنا يظهر ابداع الصدر لنظريته المشهورة التي تعتبر الحل الجذري الوحيد لهذه المعضلة الا وهي ( نظرية السلطنة ) : فالسلطنة مفهوم قبالة مفهومي الوجوب والإمكان ، وخروج الممكن من حد الاستواء يتحقق بأحد أمرين : إما الوجوب بالغير وإما السلطنة يقول باقر الصدر : ( فلو وجدت ذات في العالم تمتلك السلطنة رأى العقل بفطرته السليمة ان هذه السلطنة تكفي للوجود ) (٢). والسلطنة تشترك مع الإمكان من حيث تساوي نسبتها إلى الوجود والعدم ولكنها تختلف عنه في كون الإمكان لا يكفي لتحقيق أحد الطرفين بل يحتاج تحقيقه إلى مؤونة زائدة وأما السلطنة فيستحيل
__________________
١ ـ انظر مباحث الدليل اللفظي ، ج٢ ، للسيد محمود الهاشمي ، ص ٣٠ إلى ٣٥.
٢ ـ م. ن ، ص ٣٧.