لا يكتفي المجددون الحقيقيون عادة بطرح مفاهيم جديدة وتصورات غير مسبوقة ومضامين مستحدثة وفق ما تحتاجه الساحة الفكرية أو على أساس عملية استشرافية لمعالم المستقبل وتحديات التقدم الانساني.
بل إن هؤلاء المجددين يحدثون نقلات منهجية تحقق قفزة نوعية وربما تحدث تحولات معرفية كبرى تمكن الاجيال من النظر إلى المسألة من منظور جديد مختلف عن كل الاساليب التي سلكها الأولون.
إن كبار المجددين من العلماء والفلاسفة في كل ميدان هم الذين استطاعوا فعلا إحداث مناهج جديدة لا الذين أتوا بمعارف مبتكرة فقط.
ففي مجال الفلك ما كان ( لكوبرنيك ) أن يعرف هذه الشهرة لولا القطعية المعرفية التي أحدثها مع النظرية الفلكية القديمة وطرحه رؤية جديدة ... و ( ديكارت ) في مجال الفلسفة ما كان ليصبح علماً بارزاً وعلامة لمرحلة جديدة في تاريخ التفكير الفلسفي لو لم يكن صاحب منهج جديد .. وكذلك ( انشتاين ) في الفيزياء لولا ثورته الكبرى على فيزياء نيوتن وتأسيسيه لنظريته النسبية التي قلبت الفيزياء رأساً على عقب ...