فالقرآن الكريم احتج على أهل الكتاب بأن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد بشر به في التوراة والانجيل وإن كان هذا الادعاء غير صحيح ، لاحتج أهل الكتاب بذلك على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولأنكروا البشارة به في كتبهم ، ولكنهم على العكس من ذلك لاذوا بالصمت واختلاق التهم وإخفاء الحق وتفسير الكتاب وفق أهوائهم ، لإبعاد أتباعهم عن قبول الحق والإيمان بالنبي الخاتم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، والباحث في التاريخ يجد أن البعض من علماء أهل الكتاب ولا سيما من النصارى بعد ما أدركوا النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أو سمعوا بدعوته ورسالته آمنوا به واعتنقوا الإسلام ، لمعرفتهم بأنه النبي المنتظر في آخر الزمان ، وقصة بحيرا الراهب وسلمان الفارسي وغيرهم الكثير تؤيد هذا المدعى. وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة في قوله تعالى ( ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا أمنا فاكتبنا مع الشاهدين ) (١).
وكما أشرنا فإنّ الكتاب المقدّس عند اليهود والنصارى يتألّف من عهدين : العهد القديم والعهد الجديد ، وقد أُلّفت العشرات من الكتب لإثبات البشارة بالنبي الخاتم (ص) في العهد القديم والجديد
__________________
(١) سورة المائدة : ٨٣ ـ ٨٤.