وأما كيفية الوحي والإلهام في كتابة هذه الأسفار فيعتقد المسيحيون أن الالهام الكتابي الذي يقصدونه هو غير الالهام النبوي ، فالإلهام الكتابي يدل على عمل الله ( فوق الطبيعي ) الذي يمارسه على مؤلفي الكتاب ليدفعهم إلى تدوين الحقائق التي أوحاها وأعطاها للبشر وذلك بمساعدته الدائمة والمباشرة.
فالكاتب يعبر عما يريد الله أن يطلع الناس عليه ولكنه ليس كقطعة الإسفنج في نقل الماء ، تحمله ولكن لا تفعل غير ذلك.
أن وحي الكتاب المقدس يختلف في مفهومه عن مفهوم الوحي في الإسلام ، إذ يعتقد المسلمون أن النبي لم يكن سوى ناقل لكلام الله ، ولا دخل له فيه ، وأما الوحي الكتابي عند المسيحيين ، فهو من عمل الله والانسان معا ، فالكاتب في هذا الالهام يحتفظ بشخصيته وعبقريته وأسلوبه في الكتابة ، وأما الإلهام النبوي فإن النبي لا يعدو كونه أداة طيعة يتكلم بأسم الرب لا غير ، ومن هنا فالإلهام الكتابي يختلف عن الالهام النبوي ، ولهذا نرى التمايز بين الأسفار المكتوبة بالإلهام تبعا لتغاير أسلوب كتابها (١).
وعلى ذلك فإن الكاتب الملهم من قبل الله يكون معصوما عن الخطأ فيما يكتبه ، لأن الله لا يخطأ ولا يخدع أحدا ، وأما دائرة العصمة ( والقول للمسيحيين ) فهي تشمل الحقائق الدينية والالهية
__________________
(١) معجم اللاهوت الكتابي : ص ١٥.