وأيضا ، ورد أخبار كثيرة في أنّ الفارق بين الحلال والحرام هو الشرط ليس إلّا (١) ، والحمل على التقيّة طرح للخبر لا يرتكب مهما أمكن ، مع أنّ التأكيدات الّتي في الخبر لا تلائم التقيّة ، فتأمّل.
مع أنّه ربّما يظهر من « نهج البلاغة » عدم التقيّة في ذلك (٢) ، مع أنّ فقهاءنا ما نقلوا عن العامّة سوى أنّهم يجعلون العادة بمنزلة الشرط ، وهذا ظاهر في عدم المخالفة بين الخاصّة والعامّة في المقام ، فتأمّل جدّا.
ومنها :
ما رواه الصدوق في « الفقيه » ـ مع ضمانه صحّة ما فيه (٣) ـ عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال : « يا أيّها الناس الفقه ثمَّ المتجر ، الفقه ثمَّ المتجر ، الفقه ثمَّ المتجر ، فإنّ للربا في هذه الأمّة دبيبا أخفى من دبيب النملة » (٤).
وغير خفي أنّ الربا عند هؤلاء الأعلام حرمته منحصرة فيما هو ضروري الدين ، يعرفه جميع المسلمين ، بل وغيرهم من أهل العرف واللغة ، لأنّه من المعاملات كالبيع والهبة ، فلذا كانوا يقولون ( إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا ) (٥) ، فإنّ هؤلاء الأعلام بمجرّد تزوير وحيلة للخروج عمّا هو حرام بالبديهة ، يحكمون بعدم الحرمة البتّة.
وأين هذا من الخفاء ، بل وكونه أخفى من دبيب النملة ، ومن الحثّ الشديد ،
__________________
(١) لاحظ! وسائل الشيعة : ١٨ / ١٩٠ الأحاديث ٢٣٤٦٣ و ٢٣٤٦٤ و ٢٣٤٦٥ و ٢٣٤٦٩.
(٢) نهج البلاغة ـ المطبوع ضمن المعجم المفهرس الألفاظ نهج البلاغة ـ : ٨٢ الخطبة ١٥٦.
(٣) لاحظ! من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣.
(٤) من لا يحضره الفقيه : ٣ / ١٢١ الحديث ٥١٩ ، وسائل الشيعة : ١٧ / ٣٨١ الحديث ٢٢٧٩٤ ، وفيه : ( يا معشر التجّار ، الفقه ثمَّ المتجر ، الفقه ثمَّ المتجر ، الفقه ثمَّ المتجر ، والله للربا في هذه الأمّة دبيب أخفى من دبيب النمل على الصفا. ).
(٥) البقرة (٢) : ٢٧٥.