والتأكيد والتشديد في معرفة مخايلة الدقيقة ، والاحتراز عن غوائله الخفيّة ، الّتي لا تكاد تحسّ وتدرك كما لا تحسّ دبيب النملة.
وبالجملة ، الربا عند الشارع أخفى من دبيب النملة ، وعند هؤلاء أجلي وأظهر من الشمس ، والحرام شرعا في غاية الخفاء ، بنصّ سيّد الأوصياء ، وعند هؤلاء متى ما عرض أدنى شائبة من الخفاء يكون حلالا البتّة ، بل متى ما توهّم أدنى شائبة منه يصير حلالا بلا ريبة.
بل مئال أمرهم عند التحقيق إلى تحليل الربا وتحريم مجرّد لفظ وعبارة ، كما عرفت ، إذ من البديهيّات على جهّال الكفّار ـ فضلا عن عقلاء المسلمين ـ أنّ الربا أمر معنوي ، زيادة مخصوصة من العين أو المنفعة ونموّ في المال على سبيل المشارطة والسلطنة ، لا أنّه عبارة : أعطني ، أو تعطني ، أو تزيد لي ، وأمثال هذه ، وأنّه لو بدّل العبارة بعبارة : تهب لي ، أو تعوّضني أو تعطي بإزاء الفلس أو أقلّ منه كذا وكذا ، يصير حلالا ، مع كون الزيادة في الصورتين على حدّ سواء.
مع ما عرفت من عدم تفاوت أصلا بين العبارات المذكورة بالنسبة إلى [ ما هو ] ثابت من الأخبار وكلام الأخيار ، مضافا إلى ما مرّ من النصوص الصريحة ، والظاهرة في عدم التفاوت.
والشروط الّتي هم اعتبروها في تحقّق الربا لا تزيد عمّا به يتميّز الربا عن غيره لغة وعرفا ، ولو سلّم زيادتها ، فلا تزيد عمّا هو ضروري الدين ، ولو سلّم زيادتها فظاهر أنّها أشهر وأعرف من سائر شروط التجارة ، وهو عليهالسلام في مقام التأكيد في معرفة التجارة.
ولو فرض أنّها ليست بأعرف وأشهر ، فمعلوم أنّ في معرفتها يكفي أدنى إشارة ، لكونها في غاية القرب من الفهم ، ونهاية سهولة المعرفة.