وأين هذا من كونها أخفى من دبيب النملة؟!
نعم ، الرياء الّذي هو الشرك بالله تعالى جعل شريكا للربا في العلّة المذكورة.
فاللازم على هؤلاء الأعلام أن يسلكوا في الربا والتجنّب عن أخذ الزيادة في المال مسلكهم في الرياء الّذي هو الشرك بالله تعالى ، وما أراهم يرتكبون الحيل لتصحيح الرياء ـ الّذي هو الشرك الخفي ـ واستحلالها مقدار ذرّة ، ولا عشر معشار رأس شعرة بالقياس إلى ما يرتكبونها في استحلال الربا وأخذ الزيادة.
وهل يكفي في استحلال الشرك بالله تعالى مجرّد شائبة تغيّر التسمية الّتي توهّموها في الربا ، أم لا بد من الاجتناب عن دبيبة الّذي هو أخفى من دبيب النملة؟!
وأعجب من هذا أنّهم لا يجعلون حيلهم من الشبهات أيضا ، بل يصرّحون بأنّه لا شبهة لنا أصلا ، ويجتنبون عن الشبهات مثل شرب التتن في الصوم ، و [ ما هو ] أضعف منه شبهة ، ولا مبالاة لهم في الحيل الّتي يرتكبونها أصلا وبوجه من الوجوه ، مع أنّك رأيت الفتاوى وعرفت أدلّتهم وستعرف أيضا ، وسمعت عظم الخطر ، وشدّة الضرر ، وستعرف أيضا.
ومنها :
ما ورد في أخبار كثيرة معتبرة أنّ الله تعالى حرّم الربا ، وعظّم أمر الربا ، وأكثر من ذكره والتهديد والتخويف ، لأجل تحقّق المعروف ، وقرض الحسنة (١).
وهؤلاء الأعلام بتصحيحهم حيلهم وارتكابهم إيّاها ، ونشرها بين
__________________
(١) راجع الصفحة : ٢٤٣ من هذا الكتاب.