وأما المقدمة الثانية ، فاجماعية ولقوله تعالى « فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ » (١) ولان المقتضي للضمان بالمثل موجود والمعارض مفقود ، فيجب القول بضمان المثل.
أما المقتضي للضمان بالمثل ، فهو تلف العين المغصوبة التي من ذوات الامثال ولا شك في وجوده هنا.
وأما المعارض ، فهو عدم ملكية الخمر المانع من أدائها بدلا ، وذلك انما يتأتى في حق المسلم ، أما الذمي فلا ، وهو مذهب أبي حنيفة.
والالتفات الى أنه قول مشهور لعلمائنا ، فيجب تلقيه بالقبول ، اذ الكثرة أمارة الرجحان ، خصوصا وقد استدل الشيخ في الخلاف (٢) عليه باجماع الفرقة وأخبارهم.
فرع :
قال الطحاوي : لو أسلم المتلف وكان ذميا قبل أن يؤخذ منه مثل الخمر سقط عن ذمته. وهذا انما يتأتى على القول الاول. أما على قول الشيخ فلا ، بل تجب القيمة سواء أسلم المتلف أولا. ولما كان هذا الدليل ضعيفا ، لا جرم كان القول الاول أقوى.
قال رحمهالله : لو غصب شاة فمات ولدها جوعا ، ففي الضمان تردد. وكذا لو حبس مالك الماشية عن حراستها فاتفق تلفها. وكذا التردد لو غصب دابة فتبعها الولد.
أقول : منشأ التردد في هذه المسائل الثلاث من النظر الى أصالة براءة الذمة وهي دليل قطعي ، فيتمسك بها الى حين ظهور الدليل الناقل عنها ، وهو غير موجود هنا.
__________________
(١) سورة البقرة : ١٩٤.
(٢) الخلاف ١ / ٦٧٩ ، مسألة ٢٨ من كتاب الغصب.